أمثلة على البلدان النامية التي تتبع الاتجاهات الفكرية ضمن خططها للتنمية.
يوجد العديد من البلدان النامية تتبع أحد الاتجاهات الفكرية في خططها للتنمية نذكر بعضها:إن النظرية السائدة في المجتمعات هي نظرية التحديث. فجميع المجتمعات تسعى نحو التحديث دون التبعية أو الوقوع في صراع مع الحضارات.
ما هي البلدان النامية التي تتبع في خططها للتنمية أحد الاتجاهات الفكرية؟ |
عالجت هذه النظرية التنمية في المجتمعات بعيداً عن إطار المجتمع الدولي رغم تأثيره على تنمية البلدان النامية. مع إهمال خصوصية تلك المجتمعات. مع تأكيدها أن هذه المجتمعات في طريقها لتتشابه مع المجتمع الغربي.
يمكنك الاطلاع على نظريات التنمية ومقولاتها.
اقرأ أيضاً التنمية والاستثمار - معنى الاستثمار في سياق النظرية الاقتصادية، وعلاقته بالتنمية.
اقرأ أيضاً مؤشرات اقتصادية – الميل الحدي للاستهلاك (MPC ) والميل المتوسط للاستهلاك(APC) والميل الحدي للادخار(MPS).
اقرأ أيضاً تلخيص بحث -" التنمية الزراعية المستدامة في الجزائر – الواقع والتحديات ".
مثال أول الجزائر ونظرية النظام العالمي.
نذكر الجزائر أحد البلدان النامية التي تتبع نظرية النظام العالمي في خططها نحو التنمية. وكانت الجزائر تعاني بعض المعوقات في تطبيق عملية التنمية نذكر بعضها.
- ظاهرة الفساد وتوجيه بعض القيادات السياسية لخطط التنميه وفق مصالحهم الخاصة.
- استمرار الزيادة السكانية. وزيادة الهجرة إلى المناطق الحضرية وترك مناطق الأرياف خاوية.
- العولمة وآثارها السلبية التي تمنع تحقيق التنمية في البلاد.
- التلوث البيئي وتراكم النفايات. واستمرار ظاهرة التصحر.
- حداثة المجتمع المدني وعدم مشاركته الفعالة في تنفيذ برامج التنمية.
كما أن هذه النظرية ركزت على العامل الاقتصادي لضم الدول النامية وخاصة العربية منها. مع إهمال العامل السياسي. مع أن ضم العالم العربي الإسلامي في هذا النظام يعود لأسباب سياسية مفادها الصراع بين فرنسا وبريطانيا على قيادة النظام العالمي خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين.
مما دفع لضم الدول العربية كأحد أطراف في هذا النظام. وهي المكانة التي تشغلها هذه البلدان حتى العصر الحالي.
مما تقدم نجد أن نظرية النظام العالمي تنطبق على الجزائر من خلال مقولاتها والتي تركز على:
- المكانة التي يشغلها البلد داخل النظام العالمي. فالجزائر بلد هامشي غير صناعي وغير بترولي. وتم ضمه ضمن البلدان العربية التي دخلت النظام العالمي كأحد أطراف هذا النظام. وهي المكانة التي لاتزال تشغلها الجزائر حتى اليوم. حيث كان الضم عسكرياً وليس اقتصادي.
- إن الإنتاج السائد في هذا البلد يمثل المؤشر الرئيسي لمدى تطور ونمو هذا المجتمع. والإنتاج السائد في الجزائر لا يحقق التنمية المرجوة. وبالتالي من الضروري دفع عجلة التنمية الفلاحية وخاصة في المناطق النائية من خلال وضع برامج تنموية لتوفير احتياجات السكان (زموري وآخرون، 2019، ص189).
المثال الثاني المملكة العربية السعودية ونظرية التحديث.
كانت المملكة العربية السعودية تتبع أحد الاتجاهات الفكرية في خططها للتنمية في غالبية المجالات. ونذكر أبرزها:
- إطلاق مشروع (The Line) وهو من أحدث المشروعات في مدينة نيوم. حيث تم استثمار المساحات الشاسعة مع الحفاظ على الطبيعة. فضلاً عن إتاحة الفرصة لفئة الشباب السعودي للمشاركة في التخطيط لمستقبل وطنهم.
- كما تم إطلاق أكثر من مبادرة تختص بحماية البيئة بشكل عام من التغيرات المناخية المفاجئة. وكانت على رأس تلك المبادرات مبادرة الشرق الأوسط الأخضر.
- البدء في مشاريع استثمارية كبيرة توجه جهودها لتحقيق رفاهية الأفراد في المملكة. من خلال توفير أكثر من فرصة للعمل لمختلف الشرائح العمرية. فضلاً عن زيادة نسبة الاستثمار الخارجي.
ومن مقولات نظرية التحديث وكيف تنطبق على البلد التي اخترتها نذكرالتالي:
- لا يعود سبب التخلف في البلدان النامية إلى خضوعها للاستعمار. وانما يعود إلى المؤسسات التقليدية التي تتميز بالقدرية والغيبية.
- عملية التغيير الاجتماعي التي حدثت في أوروبا الغربية. والتي اشتملت على التحضر. هي العملية التي تلاحظ الآن في بلدان الشرق الأوسط. ستؤدي إلى تكرار التجربة الغربية في تحويل المجتمع التقليدي إلى مجتمع حديث.
المثال الثالث سنغافورة ونظرية النظام العالمي.
لقد اتبعت حكومة سنغافورة نظرية النظام العالمي للتغير من دولة يملأها البعوض إلى اقوى اقتصادات في العالم. فهي لم تكن أكثر من مستعمرة بريطانيا. وبعد انتخاب ( لي كوان يو ) كرئيس وزراء عام 1959. انضمت سنغافورة إلى اتحاد الماليزي عام 1963 بعد استقلالها عن بريطانيا. وبعد أن تخلت عنها ماليزيا أصبحت دولة مستقلة. فقام رئيسها بعدد من الإجراءات:
- تشكيل فريق من أفضل الخبراء ووضع خطة للنهوض بالبلد عبر جذب الاستثمارات الاجنبية وتشجيع التعليم.
- الدخول في العديد من الصناعات كبناء السفن وهندسة المعادن واستثمرت بها أكبر الشركات العالمية. وبحلول التسعينات أصبحت ثالث أكبر مركز لتكرير النفط في العالم وثالث أكبر مركز لإنتاج البتروكيماويات .
- أصبح ميناء سنغافورة أكبر الموانئ ازدحاماً في العالم.
- استطاعت بعد تفوقها اقتصادياً حل مشكلة المنازل العشوائية بتخصيص الأراضي وتسليمها إلى القطاع الخاص مقابل تقديم خدمات راقية للسكان. حيث انخفض معدل البطالة إلى 3 % عام 1980 .
وهنا نجد أن سنغافورة قد تحولت من مستنقع فقير إلى مركز عالمي تنتشر فيه ناطحات السحاب (ميدان، 2019).
المثال الرابع. الصين ونظرية الاشتراكية السوقية.
ويتجلى تطبيق نظرية الاشتراكية السوقية في الصين في عدة مقولات أساسية. نذكر من أهمها:
- الحفاظ على دور الحكومة في تحقيق التنمية بالبلاد. ولكن بشكل يتوافق مع القواعد السوقية.
- الاستثمار في القطاع الخاص وفتح الأبواب لجذب الاستثمارات الأجنبية للدخول للبلاد.
- التركيز على تحسين البنية التحتية وتطوير الصناعات الحديثة والتكنولوجيا الحيوية بشكل أساسي.
- تحرير الاقتصاد من القيود التي كانت مفروضة عليه في الماضي وتطويره.
- تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والحفاظ على الاستقرار السياسي.
وباتباع هذه النظرية السابقة وأبرز مقولاتها وكيفية تطبيقها على البلد الذي اخترناه يمكن القول:
- حققت الصين نجاحات كبيرة في تحقيق التنميه الاقتصادية والاجتماعية. حيث شهدت البلاد نمواً اقتصادياً هائلاً في العقود الأخيرة. وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
- تعمل الصين حالياً على تحقيق أهداف التنميه المستدامة.
- اعتمدت الصين على عدة إجراءات لتطبيق نظرية الاشتراكية السوقية وتحقيق التنمية في البلاد.
ومن أبرز العوامل المهمة لتطوير الاقتصاد والتي عملت على تحسينها: (عباس، 2019، ص573).
- تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادي في العام 1987م. بهدف تحفيز النمو الاقتصادي وزيادة الإنتاجية في البلاد. حيث تضمنت تحرير الأسعار والاستثمار الأجنبي والتجارة الخارجية والتطوير التكنولوجي.
- دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة المحركة للاقتصاد: بتشجيع تأسيسها وتقديم دعم مالي وتقني لها.
- الاستثمار في البنية التحتية: بزيادة الإنفاق على البنية التحتية وتحسينها. كبناء الطرق والجسور والمطارات والموانئ والسكك الحديدية. كما عملت على الاستثمار في التعليم والبحث العلمي بزيادة الإنفاق على مجالاتها.
مما سبق نجد أن التجربة الصينية مثل يحتذى به. فقد دفعت البلاد من القاع إلى التقدم والتطور لتصل بها إلى قوة اقتصادية هائلة على مستوى العالم.
المثال الخامس اليمن ونظرية التبعية.
من وجهة نظر شخصية أن النظرية السائدة التي توجد في البلدان النامية وتنتشر فيها هي نظرية التبعية. ويمكن توضيح كيف تنطبق نظرية التبعية على بلد من البلدان التي تم اختيارها وهي اليمن لتوضيح النظرية كما نجدها فيه.
فنجد أن اليمن قد عاشت بين حقبتين زمنيتين وهي حقبة السلطوية وهذه الحقبة كان يسودها نظرية التبعية. وهي استنزاف فائض اليمن وعدم السماح لها بحفظ أي شيء منه. كما نجدها في "معاهدة الطائف" في شمال اليمن سنة 1934 وهذه المعاهدة قد أهدرت الكثير من موارد وخيرات اليمن لصالح دول خليجية.
فضلاً عن وجود "الحزب الاشتراكي اليمني" الذي سبب في خسارة مصدر من مصادر الثروة عالمياً. والمعروف بالذهب الأسود. ونشأت عنه حرب بين طرفين عرفت بحرب الوديعة. وهذا سبب مآسِ كارثية كبيرة على الشعب اليمني. وبسبب هذه الاتفاقيات لا تزال اليمن لليوم تعاني وتدفع ثمن ارتهان سيادتها الوطنية لمصلحة الدول الخارجية.
أما حقبة الرأسمالية كان يسودها نظرية التحديث. حيث جاءت الوحدة اليمنية لإنقاذ جنوب اليمن من الانزلاق الاقتصادي والسياسي. الذي يعاني منه. وبسبب نظرية التحديث الرافضة لليسارية والشيوعية قامت بإلغاء قانون التأمين سنة 1994. والذي ينص في عودة ملكيات الأفراد وما سلب منه في الحقبة السوفياتية.
ونجد في الوقت نفسه اختصر تنمية القطاع الاقتصادي على أموال محددة وتحديد وتقسيم المجتمع إلى طبقتين لا ثالث لهما. وأيضا من الاتفاقيات تأجير ميناء عدن لصالح مواني دبي العالمية لأهميته حيث يعتبر ممر عالمي استراتيجي. وقد قامت دولة الوحدة اليمنية بعد حرب 1994 بخصخصة قطاع الغزل والنسيج لأهميته وتوافره ويعتبر القطن عنصراً إنتاجياً متوافراً لدولة اليمن (البيتي، 2022).
في الختام تم توضيح النظريات الأربعة للتنمية. ومقولات كل نظرية. واخترنا أمثلة من البلدان النامية. وكيف كانت منهجيتها في خططها التنموية. ووجدنا أن البلدان النامية وضمّها إلى النظام العالمي الحديث. لم يكن لغايات اقتصادية إنما غايات عسكرية. بسبب الصراع بين الدول الرأسمالية على قيادة هذا النظام. فتم م دول العالم الإسلامي كطرف في هذا النظام.
أعط مثالًا على دولة نامية تتبع اتجاهًا فكريًا في خططها التنموية واستشهد بالنظرية وحججها الأساسية وكيفية تطبيقها على الدولة المختارة.
لنأخذ الهند كمثال على دولة نامية تتبع اتجاهًا فكريًا في خططها التنموية، حيث يمكن تطبيق *نظرية النمو الكلاسيكية الجديدة* (Neoclassical Growth Theory) على خططها الاقتصادية.
1. النظرية والحجج الأساسية:
تؤكد نظرية النمو الكلاسيكية الجديدة على أن المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي هو زيادة الإنتاجية، والتي يمكن تحقيقها من خلال التركيز على ثلاثة عوامل رئيسية:- زيادة الاستثمار في رأس المال بما فيها البنية التحتية والمصانع والأصول المادية الأخرى التي تساهم في زيادة الإنتاج.
- تحسين رأس المال البشري من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب لتطوير مهارات القوى العاملة وزيادة إنتاجيتها.
- التقدم التكنولوجي والذي يشمل الابتكار وتطوير التقنيات الجديدة التي تساهم في تحسين كفاءة الإنتاج.
وفقًا لهذه النظرية، فإن الدول النامية يمكنها تحقيق نمو اقتصادي سريع واللحاق بالدول المتقدمة من خلال التركيز على تطوير هذه العوامل الثلاثة.
2. تطبيق النظرية على الهند:
ركزت هذه السياسات على ثلاثة محاور رئيسية:
- الاستثمار في البنية التحتية: قامت الهند باستثمارات ضخمة في تطوير البنية التحتية مثل الطرق والموانئ والطاقة، مما أدى إلى تحسين كفاءة النقل والتجارة ونمو الاقتصاد.
- الاستثمار في التعليم والتدريب: أولت الهند اهتمامًا كبيرًا بتطوير التعليم العالي، خاصة في مجالات العلوم والتكنولوجيا، مما أدى إلى بناء قاعدة متينة من القوى العاملة الماهرة وجعل قطاع التكنولوجيا الهندي من بين الأكثر تنافسية عالميًا.
- التشجيع على الابتكار والتكنولوجيا: أصبحت الهند رائدة في مجال تطوير البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات، مما خلق فرص عمل جديدة وزيادة الصادرات التكنولوجية.
باختصار، اعتمدت الهند على هذه الاستراتيجية لتعزيز نموها الاقتصادي وتحقيق تقدم ملحوظ في مختلف المجالات.
نتيجة لهذه السياسات، شهد الاقتصاد الهندي نموًا ملحوظًا، خاصة في قطاع التكنولوجيا الذي أصبح محركًا رئيسيًا للتنمية. بالإضافة إلى ذلك، ساعدت الاستثمارات في التعليم والبنية التحتية على تحسين مستوى المعيشة لجزء كبير من السكان، على الرغم من استمرار التحديات مثل الفقر والفجوات الاقتصادية بين المدن والأرياف.
تعكس تجربة الهند كيف يمكن لنظرية النمو الكلاسيكية الجديدة أن توفر إطارًا فكريًا لتوجيه السياسات التنموية في الدول النامية. الهند تحاول تحقيق نمو اقتصادي طويل الأجل وتحسين مستوى معيشة سكانها.
اقرأ أيضاً التنمية في بلدك- تلخيص مقالة تتعلق بمشاريع التنمية المختلفة
المراجع.
- البيتي، حسن محمد عبد الله (2022، إبريل 18). اليمن بين نظرية التبعية ونظرية النظام العالمي الحديث [مقال]. تم الاسترجاع من منصة أريد. متاح على الرابط. https://portal.arid.my/12264/Posts/Details/5e600247-451d-4870-ac33-90912aba9f17
- زموري، كمال وصكري، أيوب وحمودة، سامي (2019). نظريات التنمية وتطبيقاتها في الدول النامية مع رصد التجربة الجزائرية خلال الفترة 1976-2019. العدد (2). المجلد (3). الجزائر: مجلة أوراق اقتصادية.
- عباس، أحمد فاروق. (2019). التجربة التنموية في الصين – الواقع والتحديات. المجلد 49. العدد 3. عين شمس: المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة.
- ميدان. (2019 ). سنغافورة من دولة مستنقعات إلى أقوى اقتصادات العالم. ملف فيديو. متاح على الرابط
- https://www.youtube.com.