الفلسفة هي النظرة الشاملة للأشياء والمكونات، عبر استخدام العقل البشري في التفكير والتأمل في العديد من مجالات الحياة وخاصة علم الاجتماع التربوي. وتختلف مفاهيم الفلسفة زمانياً ومكانياً، حيث يملك كل مجتمع أو مذهب ديني فلسفة خاصة به، بل لكل فرد فلسفة خاصة به.
أنواع المذاهب الفلسفية الأساسية: (جعنيني، 2010)
الفلسفة النفعية "البراغماتية".
كلمة براغماتية أصلها يرجع إلى اللغة اليونانية، ويقصد منها النفعية، أو العملية، وفيما بعد أصبحتا من مبادئ البراغماتية، فبقدر ما تكون الفكرة نافعة تكون حقيقية (عبد الغني، 2022).
المذهب البراغماتي وأخذ اسمه من الكلمة اليونانية (Pragma) وتعني العمل والفعل والنشاط، أي (المذهب العملي).
فيقول " وليم جيمس " أن البراغماتية هي منهج او اتجاه يوضح الأفكار ويعطي دلالة صادقة لتصورات الإنسان" (جعنيني، 2010).
والبراغماتية تنظر الى الإنسان باعتباره مخلوق بشري متكامل، لا وجود فاصل بين مكوناته من جسم وعقل ومشاعر، وأن كل شخصية تملك ما يميزها من قدرات عن غيرها من الشخصيات.
أمثلة عن المذهب البراغماتي.
مثال1. بسبب ميولي لنظرية وليم جيمس الذي يرى معنى البراغماتية بالمزاولة فقد دخلت مجال التجارة الالكترونية وزاولتها ونجحت فيها بالمزاولة والممارسة والعمل والتعلم. حيث يقول الفلاسفة أن العالم يتغير باستمرار بفعل تصرفاتنا وافعالنا
مثال2. في العصر الحديث ظهر اتجاهين مختلفين في الغرب حول الموقف من الدين، الاتجاه الأول يرفض الدين ويعارضه، أما الاتجاه الثاني يقتنع بالمعتقدات الدينية ويرى محاسنها وآثارها الاجتماعية، لأنَّ للدين آثاراً باهرة في النفس والأخلاق. يقرُّ بها العديد من الملحدين.
فنجدَ أن أكثر الناس في الدول الغربية لا يعادون الأديان، ومن خلال تجربتي وجدتُ أن غالبية الشعوب في الغرب يمتدحون الإسلام وغيرها من الأديان، سعياً منهم للحثِّ على الفضائل والمحافظة على أخلاقيات الأسرة وخدمة المجتمع.
لذلك المفيد هو ما يحقق للنفس الطمأنينة والسلام، ويعيننا على تحمل تجارب الحياة.
الفلسفة الوضعية.
هي إحدى الفلسفات العلمية التي تستند في تعريفاتها واتجاهاتها وميولها على أن مجال العلوم الاجتماعية يشبه مجال العلوم الطبيعية، فكلاهما يحتاج لدلائل واقعية مقنعة يقوم عليها المجتمع (منة، 2018).
وظفت الفلسفة الوضعية المنهج العلمي الاستقرائي الذي يستند إلى التجربة العلمية على مختلف الميادين الاجتماعية، ويعود الفضل في ذلك إلى أوغست كونت، الذي أراد من خلال منهجه الوصول بالعلوم الإنسانية المختلفة وخاصة علم الاجتماع والفلسفة إلى ذات المستوى العلمي للعلوم الطبيعية، وبالتالي تحقيق ازدهار معرفي يكافئ الازدهار الذي تم تحقيقه في مجالات العلوم الطبيعية (عبد الغني، 2022).
أمثلة عن الفلسفة الوضعية.
مثال1. في الدين الإسلامي الذي يقوم على المعتقدات الغيبية من وجود إله، وملائكة وثواب وعقاب وغيرها، تلك الأمور والمبادئ التي تختلف عن مبادئ النظرية الوضعية التي تلغي كل الغيبيات بل تعتمد على الواقع، حيث كان العديد من العلماء الإسلاميين لديهم آراء رافضة لتلك النظرية.
بل اعتبروا أن هؤلاء الفلاسفة متطرفين معاديين للأديان التي تستند في تعاليمها على القيم والأخلاق الحميدة، بعكس ما تتعترف به النظرية الوضعية.
مثال2. بسبب اهتمامي بالتجارة يمكن ذكر أحد الأمثلة التي عايشتها في هذا المجال. وهو قرار مدير الشركة التي أعمل بها بالإغلاق بسبب تعرض الشركة لانتكاسة بسبب وباء كورونا. وتعرض الأسواق للكساد.
وباعتباره دكتور متخصص في التجارة وإدارة الاعمال فعلمياً وواقعياً يرى أن الحل للخروج من هذا المأزق هو الإغلاق والخروج من السوق عند هذا الحد لعدم تفاقم الخسائر، فهو يعتمد على الفلسفه الوضعية حسب المعرفة الأكاديمية حرفياً. وكانت النتيجة الخروج من السوق فعلاً.
الفلسفة الواقعية.
إن مدرسة الفلسفة الواقعية تعود إلى أرسطو، الذي يرى أن الوجود البشري في الحياة هو أساس الحقائق، وهذا يعني أن الحقائق تنبع وتتولد من الواقع، حيث يمكن ملاحظتها من خلال الخبرات والتجارب، على عكس الفلسفة المثالية التي أولت كل اهتمامها للعقل، وركزت على اعتباره منبع المعرفة.
لتأتي المدرسة الواقعية وتؤكد أن الحقائق مكانها في الحياة أمامنا وحولنا وعلى أرض الواقع وليس في العقل، وكل ما علينا فعله هو أن نعيش هذه التجربة فنلاحظ ونستنبط الحقائق (السعدي، 2022).
أمثلة عن الفلسفة الواقعية.
مثال1. إن الإنسان من وجهة نظر الواقعية الدينية خليط من المادة والروح، وهو حر ومسؤول عن تصرفاته، وقد وضع على الأرض لعبادة خالقه، وبما أن الإنسان خُلق بقدرة الخالق فإنه روحه ستصعد بعد الموت لتعيش مع الخالق.
وبهذا فان الفلسفة الواقعية الدينية تشبه أفكار ومبادئ الكلاسيكية، إلا أنها مصبوغة بصبغة دينية بهدف التوفيق بين العقل والدين ليقوم العقل بالدفاع عن الدين بصورة عامة (كريم وآخرون، 2000، ص249-251).
مثال2. بعد الانتكاسة التي حصلت في شركتنا خلال جائحة كورونا، والقرار الذي اتخذه المدير السابق بالإغلاق. قمنا نحن المدراء على المستوى الثانوي بعقد اجتماع طارئ وتقديم طلب للإدارة العليا بإمهالنا فترة لإيجاد مخرجاً للموضوع. فالخوف من الخسارات يجب ألا يكون سبباً لإلغاء عقولنا وخبراتنا.
وفعلا فكرنا سوياً وقررنا الاتجاه نحو التجارة الالكترونية. فبدلاً من إغلاق الشركة، نكتفي بتقليل عدد الموظفين، والاستفادة من التقنية وفي عمليات البيع وشركات التوصيل السريع ودخولنا الأسواق العالمية، كما تم الاستعانة بأحد مدراء الإدارة العليا ليساعدنا بالتمويل من أجل هذه الفكرة وقد طبقناها بالفعل واليوم نحن شركة ناجحة.
أي من المذاهب الفلسفية الثلاث تجده مناسباً لك وتستخدم أفكاره في مناقشات حياتك اليومية؟ ولماذا؟
- البعض يقول: أجد أن المذهب الواقعي هو الأقرب إلى شخصيتي، فالحقائق مكانها في الحياة أمامنا وحولنا وعلى أرض الواقع، وعلينا أن نستنبطها من خلال تجاربنا. حيث أهتم باتخاذ الخطوة وتجربة الأمر بدلاً من الانتظار، والسبب في ذلك هو أن التجربة خير حقيقة لرؤية الواقع في اتخاذ أهم القرارات.
- البعض يقول: أرى أنني أميل للمذهب البرغماتي حيث أنني من الاشخاص الذين يحبون التجارب. وحتى عند التفكير بشيء ما أقوم بعمل تجربة لهذه الفكرة ورؤية نتائج. وهذا المذهب يشجع بشدة التجربة وعدم استخدام الافكار المهوولة الغير قابلة للتجريب ابدا.
أسباب حول قيمة الأفكار التي تقدمها المذاهب الفلسفية في حياتك اليومية.
- التزود بالروح العلمية والفلسفية: تعمل الأفكار الفلسفية على تقوية السلوك والتصرف العقلاني المنظم ضمن مجالات الحياة الفكرية والدراسية والنفسية والاجتماعية للمتعلم.
- مهارات فكرية ومنهجية: تنمية وتعزيز القدرة على التحليل والتنظيم والتركيب والتعليل والتصنيف في القضايا اليومية.
- تطوير التعليم ودراسة النظريات والعمل على تصحيحها أو تطبيقها أو إلغائها حسب ما يتناسب معها، كما ساعدت في سن القوانين والنظر للواقع ودراسته والاكتشافات كما حدث مع نيوتن عندما سقطت التفاحة أدت تساؤلاته إلى اكتشاف علم كامل ومتشعب.
- الفلسفة بشكل عام تساعد الشخص على ضبط نفسه في التفكير الخارج عن المنطق. أيضاً تساعد على ضبط سلوك الشخص حول الأفكار العلمية وتطبيقها. فكل مذهب من المذاهب التي ذكرناها يقوم على تفعيل أحد نقاط القوة لدى أي شخص. مثل التفكير بالمذهب الوضعي. وتقبل الواقع في المذهب الواقعي. والشجاعة وتجريب في المذهب البراغماتي.
المراجع.
- السعدي، رنين (2022): مفهوم الفلسفة الواقعية. موضوع. متاح على الرابط https://2u.pw/6wysq.
- الشويلي، فيصل عبد منشد وجبر، أمل مهدي. (2020). قراءات في أوراق فلسفية. ط1. دار الوفاق للنشر والتوزيع.
- بدران، شبل. (2000). في أصول التربية: الأصول الفلسفية للتربية. القاهرة. ط1. دار المعرفة الجامعية.
- جعنيني، نعيم حبيب. (2010). الفلسفة وتطبيقاتها التربوية. ط2. دار وائل للنشر. عمان. الأردن.
- عبد الغني، فرح. (2022). البراغماتية النفعية. موضوع. متاح على الرابط https://2u.pw/jG9doc.
- منة. (2018). بحث عن الفلسفة الوضعية ورأي الشرع بها. المرسال. متاح على الرابط https://www.almrsal.com/post/595776.