لقد طور منظرو الاقتصاد الكلاسيكي الحديث (نهاية القرن التاسع عشر) نظرية. اعتقدوا فيها أن الفرد العقلاني يبحث عن أقصى إشباع أو منفعة. ويفترض ذلك أن الفرد قادر على قياس المنفعة. التي يحصل عليها من استهلاك سلعة ما من خلال مؤشر كمي محدد. أي افتراض أن المستهلك قادر على قياس المنفعة المحققة بعد عملية الاستهلاك.
أي أن الحافز الأصلي الذي يدفع المستهلك إلى طلب أي سلعة أو خدمة هو تحقيق المنفعة لنفسه. والمنفعة المستمدة من أي سلعة تتوقف على مقدار الإشباع النفسي الذي تجلبه للمستهلك. (داودي، 2021، الصفحات 11-12).
تعريف المنفعة.
هي شعور داخلي يمكن للمستهلك اكتسابه أو تقييمه لدرجة الإشباع المتحقق. والذي يمكن أن يشعر به عند استهلاكه لكمية محددة من تلك المنتج أو السلعة أو الخدمة خلال مدرة زمنيو محددة (رضا، د – ت، ص8).
المنفعة بهذه الحالة تعبر عن علاقة مباشرة بين الإنسان والسلع. ولذلك تختلف منفعة نفس السلعة من مستهلك إلى آخر. كما تختلف لدى المستهلك نفسه من فترة زمنية إلى أخرى.
مميزات المنفعة.
تولد الرغبة الشعور بالحاجة لاكتساب الخدمة أو السلع المرغوبة من أجل إشباع حاجيات المستهلك. لذلك تكتسب الخدمات والسلع صفة المنفعة بالمفهوم الاقتصادي. وللمنفعة عدة ميزات أهمها (زغيب وبن ديب. 2010، ص14).
- تتميز المنفعة بالعلاقة بين السلعة والمستهلك. وبالتالي فهي ذات طابع ذاتي. حيث تتولد باستيقاظ رغبة شخصية وتختفي باختفاء هذه الرغبة.
- تتوقف المنفعة الاقتصادية لسلعة ما على كمية تلك السلعة من جهة. وعلى شدة الحاجة المطلوب إشباعها من جهة أخرى.
- ترتبط المنفعة بالطابع الاقتصادي للسلعة أو الخدمات. مما يعني ان الطابع هو من يجعل من سلعة ما نحلاً للتبادل من خلال منفعتها أو من قيمتها الاستعمالية.
أنواع المنفعة.
في المنظور الاقتصادي للمنفعة يجب التمييز بين المنفعة الكلية والمنفعة الحدية (داودي. 2021، الصفحات 11-12).
المنفعة الكلية(UT).
هي مقدار الاشباع الكلي أو الرفاهية التي يحصل عليه المستهلك من استهلاكه سلعة. أو خدمة معينة خلال فترة زمنية محددة. فهي تمثل قيمة الإشباع الكامل الذي يتحقق للمستهلك عند استهلاكه للسلعة. بكميات متتالية خلال مدة زمنية محددة (داودي، 2021، ص12).
المنفعة الحدية.
هي التغير في المنفعة الكلية الناجمة عن تغير عدد وحدات الكمية المستهلكة من السلعة بمقدار وحدة واحدة خلال وحدة زمنية معينة. وهي تتناقص باستمرار مع ازدياد عدد الوحدات المستهلكة من السلعة. وتصل إلى الصفر عندما يصل اشباع المستهلك من هذه السلعة إلى أقصاه.
وبعد هذا الحد تصبح المنفعة التي تقدمها الوحدات الاضافية من السلعة منها منفعة سالبة. لتبدأ بعدها المنفعة الكلية بالتناقص. ويسمى هذا المسار بقانون تناقص المنفعة الحدية (داودي، 2021، ص15).
تطبيق مفهوم التحليل الحدي ومبدأ تناقص المنفعة الحدية لاتخاذ قرار مستنير.
تخيل أنك صاحب مقهى شهير في مدينة صاخبة. في الآونة الأخيرة. لاحظت اتجاهاً متزايداً بين عملائك الذين يطلبون بشكل متزايد بدائل الحليب النباتية. مثل حليب اللوز وحليب الشوفان. لمشروبات القهوة الخاصة بهم.
بصفتك صاحب عمل. تحتاج إلى تطبيق مفهوم التحليل الحدي وفهم مبدأ تناقص المنفعه الحدية لاتخاذ قرار مستنير بشأن إدخال خيارات الحليب النباتي إلى قائمتك.
ضع في اعتبارك سيناريو المقهى الخاص بك والإدخال المحتمل لبدائل الحليب النباتية.ثم حلل البيانات التالية.
١- حلل واشرح كيف يمكن أن يساعدك التحليل الحدي في اتخاذ قرار بشأن تقديم بدائل الحليب النباتي في المقهى الخاص بك.
سأقوم بتحليل الوضع الراهن واستخدام مفهوم التحليل الحدى وتناقص المنفعة الحديه لاتخاذ قرار المناسب بشأن إدخال بدائل الحليب النباتية إلى قائمة المقهى الخاص بي.
- أولاً وقبل كل شيء. يجب عليّ فحص طلبات الزبائن والعملاء لبدائل الحليب النباتيه وتقييم حجم الطلب. فإذا لاحظت زيادة واضحة في الطلب. فإن إدخال بدائل الحليب النباتية عندئذ سيكون خطوة إيجابية. لتلبية متطلبات الزبائن وزيادة الإشباع في السوق.
- كما يجب البحث في التكلفة. فقد يكون تكلفة بدائل الحليب النباتيى أعلى من تكلفة الحليب العادي. لذا من الضروري حساب التكلفة الإضافية. وتحديد الأسعار المناسبة لضمان تحقيق الربح.
- ومن الناحية الإعلانية والتسويقية. يمكن جذب انتباه المستهلكين وتسويق هذا النوع من الحليب النباتي باعتباره منتجاً صحياً. ويجب مراعاة الناحية الخدمية. من خلال تدريب فريق العمل في المقهى على تحضير بدائل الحليب النباتية بصورة صحيحة عند إعداد المشروبات. مع توفير خيارات متنوعة لتلبية رغبات وتفضيلات العملاء.
- وفي النهاية. يتوجب مراقبة أداء بدائل الحليب النباتية على الأمد الطويل. ومحاولة التفاعل مع المتغيرات في اتجاهات السوق ومدى استجابة العملاء. كما يمكن تعديل القائمة باستمرار وبشكل منتظم بهدف تحقيق التوازن. بين تلبية احتياجات العملاء من جهة وتحقيق الربح من جهة أخرى.
خطوات تطبيق التحليل الحدي.
يمكننا تلخيص خطوات تطبيق التحليل الحدي كالتالي:
- تحليل الطلب: من خلال جمع البيانات حول مدى زيادة الطلب على بدائل الحليب النباتية. عن طريق استبيان آراء العملاء. مع مراقبة الاتجاهات الشهرية للطلب. من أجل بيان ومعرفة أن هناك طلب متزايد على الحليب النباتي.
- تحليل التكلفة: بحساب تكلفة إدخال بدائل الحليب النباتية. مع الأخذ بعين الاعتبار لتكلفة الشراء. وتكاليف التخزين. وتدريب الموظفين على استخدامها. وتوقع أي تغييرات في الأسعار.
- تحليل الإيرادات المتوقعة: من خلال تقييم تأثير إدخال بدائل الحليب على الإيرادات. وهل سينتج عنه جذب عملاء جدد؟ وهل ستزداد كمية المبيعات بعد تحقيق تلبية احتياجات العملاء الجديدة؟
- تحليل تناقص المنفعة الحدية: باستخدام مبدأ تناقص المنفعه الحديه. ومعرفة الوقت اللازم للتوقف عن إضافة المزيد من بدائل الحليب. ففي البداية. فقد يكون الارتفاع في العائدات المالية واضحاً. ولكن مع مرور الزمن. قد يقل التأثير.
- تحليل السوق: عند بدراسة اتجاهات السوق لبدائل الحليب النباتية على المستوى المحلي. قد نلاحظ توسع في السوق لتلك الخيارات أم لا؟ ونتبين مدى توقعات العملاء لمزيد من التنوع في خيارات الحليب.
- تحليل المنافسة: من اجل معرفة ما إذا كانت المقاهي الأخرى تقدم بدائل الحليب النباتية؟ أم لا؟ وربما قد يكون الابتكار في هذا المجال فرصة لتمييز مقهاك وجذب عملاء جدد.
- اختبار السوق: ولتحقيق ذلك. يمكن أن نقدم بدائل الحليب النباتية كخيار تجريبي لفترة زمنية معينة. ليتم معرفة ردود فعل العملاء ومدى رضاهم عن المنتج. ومن ثم يمكن تحديد مدى قبولهم واستعدادهم لدفع ثمن إضافي إذا كان ذلك ضرورياً.
- التكيف المستمر: من الضروري مراقبة أداء بدائل الحليب بشكل دوري. وتطبيق تكييف الاستراتيجية بناءً على التغيرات في السوق واحتياجات العملاء.
إذاً باستخدام هذا التحليل الحدي. يمكن اتخاذ قرار مستنير بشأن إدخال بدائل الحليب النباتية. مع مراعاة التكاليف المالية والتسويقية وتلبية رغبات واحتياجات العملاء بصورة فعالة.
٢- ناقش أهمية تناقص المنفعة الحدية في جدوى إدخال الحليب النباتي إلى قائمتك. وكيف ستراعي تناقص المنفعة الحدية عند تقييم البدائل وفوائد تلك البدائل.
مفهوم تناقص المنفعة الحدية
رأينا أن مفهوم تناقص المنفعة الحدية يعبر عن تغيّر في الفائدة المتعلقة بزيادة أو نقص في الكمية المستهلكة من سلعة محددة. وهو يعكس فكرة أن المستهلك يستفيد أكثر من الكميات الصغيرة من السلع في البداية. لكن مع مرور الزمن. ينخفض الفارق في الفائدة والإشباع المضاف.
وفيما يخص إدخال بدائل الحليب النباتي. يمكن تفسير تناقص المنفعة الحدية على الشكل التالي:
- التفاعل مع العملاء: عند تقديم بدائل الحليب النباتي في البداية. قد نجد اهتماماً كبيراً من الزبائن والعملاء الذين يبحثون عن تلك المنتجات الصحية. ولكن مع مرور الزمن. قد نلاحظ تناقص حدة هذا الاهتمام وتراجع الطلب. ويصبح تقديم هذه البدائل أمراً عادياً ومتوقعاً.
- تأثير التسعير: في البداية قد يكون لدى العملاء الرغبة والاستعداد لدفع سعر إضافي للحصول على بدائل الحليب النباتي. ولكن مع تكرار استخدام هذه المنتجات. قد يعتبر الزبون مع مرور الوقت أن السعر الإضافي (عند حد معين) غير مبرر بالنسبة له.
- تنوع القائمة: قد يكون في بداية الأمر موضوع تقديم بدائل الحليب النباتي كخيار إضافي مثيراً للاهتمام. إلا أن وجود التنوع الزائد في القائمة. قد يصبح عاملاً سلبياً على تجربة العميل في اختيار المنتج المفضل له. ويزيد من التعقيد.
- استجابة السوق: مع تغير اتجاهات السوق. واحتياجات العملاء مع مرور الوقت. يتوجب علينا مراقبة استجابة السوق مع محاولة ضبط عملية العرض بالاستناد إلى تلك التغييرات. بهدف تجنب الانخراط في تقديم خيارات قد لا تحقق تأثيراً كبيراً.
إذاً نجد أنه باستخدام تحليل تناقص المنفعة الحدية. يمكن لصاحب المقهى تقييم مدى جدوى تقديم بدائل الحليب النباتي بمرور الوقت. وضبط الاستراتيجية بناءً على تغيرات السوق واستجابة العملاء لتحقيق أقصى قدر من الفائدة.
٣- فكر في موقف واقعي حيث كان يجب عليك استخدام التحليل الحدي لاتخاذ القرار. قدم وصفاً موجزاً للموقف. واشرح كيف أثر التحليل الحدي أو كان سيؤثر على عملية صنع القرار الخاصة بك.
لنفترض أنني أعمل مديراً لشركة صغيرة تعمل في مجال انتاج المنظفات. وقد كانت الشركة تنتج منتجاً ناجحاً لفترة من الزمن. إلا أنني مع الوقت بدأت تصلني مؤشرات ودلائل تشير لبداية انخفاض في مبيعات المنتج. وظهور منافسين جدد في السوق.
وكان عليّ استخدام التحليل الحدي. لاتخاذ قرار حول كيفية التعامل مع هذا التحول في السوق. وعليه فقد قمت بالإجراءات التالية:
- تحليل الطلب: جمعت بيانات حول الطلب الحالي والسابق للمنتج. لفهم نطاق التغيير في الطلب. وتحديد ما إذا كانت هناك زيادة في الطلب على المنتجات المنافسة.
- تحليل التكلفة: قمت بتقييم تأثير المنافسين (القدامى والجدد) على تكاليف الإنتاج والتسويق. بما في ذلك احتمال الحاجة إلى استراتيجيات تسعير جديدة قادرة على التفوق على المنافسين.
- تحليل السوق: من خلال قيامي بأبحاث تسويقية لفهم اتجاهات الزبائن والعملاء. واستعدادهم للانتقال إلى المنتجات والسلع الجديدة. وكذلك دراسة احتمالية فقدان الزبائن لصالح المنافسين.
- تحليل الإيرادات: قمت بدراسة كيف ستؤثر زيادة التنافس على إيرادات الشركة. وما إذا كان يمكن توقع تقليل الهامش الربحي.
- تحليل المنافسة: درست استراتيجيات المنافسين الجدد. وقمت بمقارنتها باستراتيجيتي الحالية بهدف تحديد كيفية التفوق أو التكيف مع المنافسة.
- تحليل تناقص المنفعة الحدية: حيث قمت بتقدير الاستفادة المرتقبة من زيادة الإيرادات. مقابل تكاليف الإنتاج الإضافية. وتناقص المنفعة الحدية. مما ساعدني في تحديد متى يكون الاستثمار إيجابياً؟ ومتى يمكن أن يصبح غير مجدٍ.
بالنتيجة فقد استخدمت التحليل الحدي في هذا السياق لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كان يجب تطوير سلعة أو منتج جديد أو تعديل استراتيجيات التسويق. كان هدفي تحقيق أقصى مقدار من الفائدة بموارد محدودة. مع ضمان استدامة الأعمال في ظل التحديات الجديدة في السوق.
المراجع.
- داودي، بروك. (2021). محاضرات في الاقتصاد الجزئي (1). قسم العلوم التجارية. كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير. الجزائر: جــامعة 8 مــاي 45 قــالمة.
- رضا، زهواني. (د - ت). محاضرات في الاقتصاد الجزئي01. جامعة الشهيد حمه لخضر الوادي.
- زغيب، شهرزاد وبن ديب، رشيد. (2010). الاقتصاد الجزئي – أسلوب رياضي. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية.