جائحة أنفلونزا الطيور – العرض والطلب وتوازن سوق الدواجن
تهدف هذه الدراسة للتعرف إلى الآثار الاقتصادية لانتشار وباء انفلونزا الطيور. من خلال جانبين هما الطلب والعرض وتوازن السوق. حيث يعتبر صناعة الدواجن من أهم الأنشطة الإنتاجية في مختلف الدول. ويتسم النشاط الداجني بسرعة دوران رأس المال. وعدم الحاجة لرأس مال ضخم (إسماعيل وآخرون، 2012، ص128).
يمثل السوق الحيز الذي يلتقي فيه كل من البائع أو المنتج الذي يقوم بعرض سلعته أو منتجه. والمشتري أو المستهلك الذي يقوم بطلب أو شراء للسلعة أو الخدمة.
ما هو مفهوم العرض والطلب؟
الطلب.
هو الكميات المختلفة من السلع والخدمات التي تستطيع الوحدة الاقتصادية القيام بشرائها أو تكون مستعدة لشرائها عند الأسعار المختلفة لهذه السلعة أو الخدمة. وبالتالي فالطلب هو رغبة مصحوبة بالمقدرة والإمكانية لشراء كميات مختلفة من السلع عند أثمان مختلفة خلال فترة زمنية معينة (الأمين وبشير،2011، ص75).
بشرط ثبات باقي العوامل المؤثرة الأخرى دون تغيير. فدالة الطلب تربط الكمية المطلوبة بالعوامل الأخرى مثل سعر السلعة وذوق المستهلك وأسعار السلع الأخرى والدخل النقدي (سعودي، 2022، ص 7).
العرض.
هو الكميات السلعية أو الخدمية التي يمكن للمنتجين بيعها فعلاً في السوق عند مختلف الأسعار المفترضة لها (رقاد، 1436هـ نيسان 20، ص 12).
ما هو مفهوم توازن السوق؟
يعتبر توازن السوق نقطة تقاطع أو التقاء منحنى العرض والطلب من أجل تحقيق التوازن. لانعدام العجز والفائض في السوق. كما تدل هذه النقطة على مقدار السعر الذي يناسب كلا الطرفين من بائعين ومستهلكين.
فهدف السوق دوماً محاولة إيصال المنتج لهذه النقطة لتحقيق أعلى ربح ممكن. حيث يرغب المنتج بإنتاج الكمية التي يرغب المستهلك في استهلاكها (أحمد وحسين، 2008).
مناقشة حالة - أثر إنفلونزا الطيور على سوق الدجاج.
في نهاية العام الماضي. قامت منظمة الأغذية والزراعة بتطوير مجموعة أدوات للحفاظ على سبل العيش. لتساعد على مواجهة التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية لانتشار فيروس أنفلونزا الطيور. وتم إجراء دراسات حالات بعينها لصدمات السوق. باستخدام تلك المجموعة من الأدوات في كل من تركيا ومصر.
كما تم جمع البيانات حول تأثير فيروس أنفلونزا الطيور على سبل العيش والحد منه في أكثر المناطق فقراً في البلدين. لقد برهنت الدراسات أن التحكم في أي مرض يكون صعباً عندما يكون السوق في حالة فوضى.
وألقت الضوء على الحاجة لإيجاد وسائل من الحكومات والقطاع الخاص للتخفيف من حدة تأثر السوق– بالرغم من أننا الآن نفهم التأثيرات بشكل جيد إلى حد ما. إلا أن قصص النجاح في خفض التأثير مازالت قليلة حتى يومنا هذا (الأمم المتحدة، د - ت).
صدمات السوق التي تحدث كنتيجة لرفض المستهلك منتجات الدواجن في حالة تفشي فيروس أنفلونزا الطيور عالية الإمراض كان له أثر اقتصادي كبير. إذ بالإضافة إلى التعويض. هناك حاجة لأخذ إجراءات دعم أخرى في الاعتبار مثل تمكين إعادة تأهيل المزارعين الذين يتم إعدام دواجنهم بشكل إجباري. من أجل التصدي لصدمات السوق والحد من التأثير غير المباشر لأنفلونزا الطيور على القطاعات الأخرى.
تحليل الأثر الاقتصادي المحتمل لتفشي إنفلونزا الطيور على سوق الدواجن الذي كان في حالة توازن من قبل.
تفشي الامراض الحيوانية أو الزراعية أو حتى الأوبئة الإنسانية. يؤدي لأضرار اقتصادية. قد لا تستطيع أكبر وأضخم الاقتصاديات احتواؤها. مررنا جميعا بتجربة الكورونا. ورأينا كيف أغلق العالم ببحاره وسماؤه وأرضه. فلا استطاع العلم ولا الاقتصاد مجابهة هذا الخطر العظيم.
ومر العالم قبل ذلك بأوبئة أخرى مثل انفلونزا الطيور.
وبافتراض أن سوق الدواجن كان في حالة توازن من قبل. يمكن تحليل الأثر الاقتصادي المحتمل لتفشي إنفلونزا الطيور على سوق الدواجن.
يعتبر هذا الوباء إحدى الظواهر الطارئة في أمراض العالم. فكان لتفشي إنفلونزا الطيور أثر اقتصادي كبير لدوره في تراجع معدلات النمو الاقتصادية. حيث كان السوق في حالة توازن قبل تفشي الوباء.
أي كان العرض في الدواجن متساوياً مع الطلب عليها. لتنخفض الكميات المطلوبة والمعروضة من سلع الدواجن بعد انتشار المرض. فأصبحت الناس تتوجه إلى سلع بديلة كاللحوم الحمراء والأسماك مما غير منحنى الطلب عليها ليتجه إلى أقصى اليمين.
وإذا أردنا رؤية كيف تؤثر على الاقتصاد فيمكن ببساطة إيضاح التأثير من خلال بعض الجوانب:
من جانب الطلب.
فقد اختفي الطلب تماماً على المنتجات الداجنة. مما أدى إلي تهاوي أسعارها. نظراً لانخفاض الطلب عن العرض. سنجد أن البدائل الأخرى مثل اللحوم الحمراء هي التي ارتفع سعرها كثيراً حيث إنها سلعة بديلة للبروتين الحيواني. وبما أن جانب العرض محدود جداً. فكان لابد أن ينتقل منحني الطلب ناحية اليمين ليتلاقى مع منحني العرض في نقطة توازن جديده ذات سعر أعلي.
من جانب العرض.
فإن الانتاج الداجني اختفي سواء لإجراءات وقائية تطلبت إعدامها. أو نتيجة لانعدام الطلب تقريباً. وفي بداية المشكلة نجد ان المنتجين ارتضوا بتخفيض الأسعار نظرا لاختلاف أذواق المستهلكين وإلا أدت إلى إعراضهم عن طلب الطيور.
وبالتالي انتقل منحني العرض إلى اليسار محاولة من المنتجين في التخلص من المخزون لديهم. ولكن مع مرور الوقت. أصبح الطلب غير مرن ولا يتأثر بالسعر. وتحول منحني الطلب إلى شكل شبه رأسي بخلاف منحني الطلب علي اللحوم الحمراء. والتي كانت مرونة الطلب عليها كبيرة جداً.
أما بعد انتهاء الازمة. فإن منحني الطلب أخذ في التغير ليكون أكثر مرونة سعرية . وعاود مرة أخرى الرجوع الي الشكل المعتاد للسلع المرنة. وكذلك عاود منحني العرض الرجوع إلي الشكل المعتاد. ليتقابل مع السوق في نقطة توازن سعريه جديدة. وبالطبع تغيرت المرونة ليصبح الطلب علي الدواجن مرن تجاه السعر. وكذلك العرض.
هل يقتصر هذا الأثر على أحد جانبي السوق (العرض أو الطلب) أم كليهما؟
إن هذا الوباء له تأثيره على الإنتاج بسبب إعدام الدجاج المريض. وإعادة تأهيل المزارعين الذين خسروا دواجنهم. الذي بدوره يؤثر على تكاليف الإنتاج بسبب زيادة الضغط على السوق. فضلاً عن فقدان بعض العاملين لوظائفهم في مزارع الدواجن بسبب انخفاض الإنتاج. فضلاً عن رفض المستهلكين لاستهلاك الدواجن.
في حالة تفشي المرض وانتشار الخبر عنه سوف يؤدي لانخفاض الطلب عليه. نتيجة خوف الناس من العدوى من المرض. وينخفض العرض لإعدام الدواجن المصابة. فقبل تفشي الوباء كانت هناك تساوي بين الكميات المطلوبة والكميات المعروضة فهي تتناسب مع رغبة البائع والمستهلك.
لكن عند انتشار الوباء تغيرت الكميات المعروضة والمطلوبة إلى الأقل. لينتج عنه فائضاً في كميات العرض بعد الوباء لانخفاض الطلب عليها. والعودة إلى نقطة التوازن وتساوي الكميات في العرض والطلب يحتاج فترة زمنية.
وبالتالي فالأثر الاقتصادي لتفشي إنفلونزا الطيور لم يقتصر على أحد جانبي السوق العرض. بل يشمل كليهما. أي العرض والطلب.
كيف ستتفاعل السوق وما النتائج الاقتصادية المترتبة على تفشي هذا المرض في الدواجن؟
أدى تفشي الوباء لمساوئ اقتصادية عديدة على مستوى العالم والأفراد العاملة. كخسارة رأس المال. وزيادة معدلات البطالة. زيادة التكاليف في الصناعات المرتبطة بتربية الدواجن كصناعة الأعلاف والنقل. وأثر اللقاحات للدواجن المتبقية والشراء من المنتجين الذين يحملون شهادات تثبت صحة المنتج. وحصر المنتجات المصابة أو المتضررة وإتلافها.
وبالنسبة للمستهلكين سوف يكون هذا الوباء عالة عليهم ويشكل خوف. ما يعينهم على اختيار مصادر بديلة سوف تكون أعلى ثمناً في الغالب كاللحوم الحمراء والأسماك. كل ذلك أحدث خللاً في الاقتصاد الشامل.
أما على مستوى الدول التي تعتبر الدواجن مصدراً للدخل. عن طريق تصديرها سوف تقل صادراتها وترتفع الواردات البديلة لسد حاجة المستهلكين. فينخفض القطع الأجنبي. فضلاً عن تأثير ذلك على الإيرادات الضريبية للحكومة بسبب تراجع الأرباح والدخل.
ختاما كما نرى أن الخلل في توازن السوق بسبب انتشار المرض يؤدي إلى مشاكل وخسائر فادحة. فلا بد من العمل على تحقيق التوازن في العرض والطلب. فهو ما يسعى الجميع للحصول عليه والاتفاق على السعر المطلوب والحصول على أفضل ربح للطرفين.
المراجع.
- أحمد، عبد الغفور إبراهيم وحسين، مجيد خليل. (2008). مبادئ علم الاقتصاد. عمان. الأردن: دار زهران للنشر والتوزيع.
- إسماعيل، طلعت حافظ والشويخ، داليا حامد ودياب، ياسر عبد الحميد وعبد العال، محمد عبد المنعم. (2012). الآثار الاقتصادية لأزمة انفلونزا الطيور على صناعة الدواجن بمحافظة قنا. المجلد 43. العدد3. مصر: مجلة أسيوط للعلوم الزراعية.
- الأمين، عبد الوهاب وبشير، فريد. (2011). الاقتصاد الجزئي. ط4. مركز المتنبي.
- الأمم المتحدة. (د. ت.). أنفلونزا الطيور وخطر الوباء. الهدف 2. المحافظة على استدامة سبل العيش. تم الاسترجاع من الرابط https://www.un.org/ar/influenza/objective_two.shtml.
- رقاد، بشير. (1436هـ نيسان 20/ 2015 فبراير 19). التحليل الاقتصادي الجزئي – الفصل الأول الطلب والعرض والتوازن. السعودية. جامعة المجمعة. ملف pdf. تم الاسترجاع من الرابط https://2u.pw/CIfTLw.
- سعودي، إيمان. (2022). محاضرات في الاقتصاد الجزئي. مطبوعة مقدمة لطلاب السنة الأولى. كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير. جامعة فرحات عباس – سطيف. الجزائر.