مقال نقدية - العلاج بالموسيقى لخفض أعراض قلق ما بعد الصدمة PTSD الناجم عن الحروب
تعتبر الأحداث الصادمة بمثابة موقف جادة ومفاجئة للفرد. وقد تكون طبيعية على شكل زلازل وفيضانات. او اجتماعية من صنع الإنسان وتعد الحروب والأزمات من أكثر المسببات للصدمات والضغوط (آل دهام، 2012، ص876).
ولهذه الأحداث أثراً كبيراً على النفوس البشرية. حيث انها ترتبط بالاكتئاب والقلق وخاصة بعد مشاهدة الأحداث الصادمة والتعرض لتك المواقف.
ويتأثر ضحايا اضطراب ما بعد الصدمة بشكل كبير لشعور الضيق والقلق النفسي. حيث يعد القلق من المشاعر الأساسية لدى الفرد كالغضب والحزن والفرح. ويظهر في المواقف والأحداث التي يقيمها الإنسان على انها مواقف يصعب السيطرة عليها أو تسبب انزعاج وضيق للإنسان بسببها (محرزي، 2021، ص134).
الموضوع العام للمقالة.
تحدثت المقالة عن قدوم النازحين والمقدر عددهم ب 500 ألف لاجئ إلى الأردن من البلدان المجاورة. وقد أجريت الدراسة على هؤلاء الأطفال الذين تعرضوا لظروف الحرب القاسية وشعورهم بالخوف من فقدان عائلاتهم.
الصدمة النفسية.
إن الصدمة والموقف الصدمي تعتبر مفاهيم أساسية لعلم الصدمات النفسية. فيشير علم الصدمات إلى الدراسات العلمية والتطبيقية للآثار الاجتماعية والنفسية المباشرة وطويلة الأجل للأحداث الصادمة والضاغطة. وما يؤثر فيها من عوامل.بينما يشير علم الصدمات النفسية إلى دراسة الصدمة النفسيه وما يتبعها من جوانب نفسية وعوامل نفسية محيطة بالحدث الصادم. فضلاً عن الاهتمام بالعوامل التي تسبق الصدمة. المصاحبة لها والناتجة عنها (الديوان الأميري، 2001. ص46).
مصطلح قلق ما بعد الصدمة PTSD.
وهو اضطراب نفسي يتضمن العديد من الأعراض التي تنتمي لمجالات مختلفة ومتنوعة. والناتجة عن مجموعة من الميكانيزمات المتعددة (محرزي، 2021، ص138).
وفي مقالتنا وهو ظهور بعض الأعراض النفسية بعد تعرض الأطفال للمواقف الصادمة كممارسة نشاطات ترتبط بأعمال الصدمة. والابتعاد عن الأشخاص والأماكن المرتبطة بالخبرة الصادمة.
وقد تم علاجهم بتطبيق برامج تستند للعلاج بالموسيقى. بقصد إخراج المحتويات اللاشعورية بصورة غير لفظية. مع السماح بتحرر المحتويات الانفعالية.
فقد كان لمشاهد القتل الأثر الكبير في نفسية الطفل. بسبب عجزه التعبير عنها لفظياً. فأطلق عليهم ضحايا الصدمة الصامتين.
أهداف المقالة.
هدفت المقالة إلى استقصاء أثر برنامج علاجي معرفي سلوكي جماعي وبرنامج علاجي موسيقي في خفض مستويات أعراض قلق ما بعد الصدمة PTSD لدى عينة من الأطفال اللاجئين.
ومقارنة هذه النتائج فيما بينها. بهدف تعويض النقص في الدراسات التي تشجع البرامج الداعمة لنفسية الأطفال من خلال مانحي الخدمات والعاملين في القطاعات الاجتماعية.
فضلاً عن توفير أدوات تشخيصية تتصف بالصدق والثبات والموضوعية. بحيث يستخدمها المختصون في مجال العلاج النفسي بهدف تقييم مستويات وحدة أعراض قلق ما بعد الصدمه وأهمية العلاج بالموسيقى لهؤلاء الأطفال.
الفرضية الموضوعة من قبل الباحث.
هل هناك فروق في متوسطات الدرجات على أبعاد قائمة أعراض قلق ما بعد الصدمة في القياس البعدي ما بين أفراد الدراسة تبعاً لاختلاف مجموعات المعالجة؟
المنهج المستخدم.
تعتمد هذه الدراسة على المنهج شبه التجريبي المتضمن 4 مجموعات علاجية. وهو منهج مختلف عن بقية الدراسات في المنهج ومكان تطبيق العلاج وأفراد التجربة. وهم أطفال الحروب في البيئة العربية.
المشاركون.
هم (48) طفلاً سورياً نزحوا إلى الأردن خلال الحرب. وكانت أعمارهم تتراوح بين (10-12) عاماً. تم اختيارهم من المراجعين لمؤسسة رعاية الطفولة وجمعية إعادة التأهيل النفسي للأطفال الأحداث في الزرقاء.
دورهم في هذه الدراسة.
تم توزيعهم بناء على مكان سكن الأطفال في 4 مجموعات تجريبية في كل منها (12 طفلاً). بحيث تم إخضاع المجموعة الأولى للبرنامج التدريبي العلاجي المركز على الصدمة في مؤسسة رعاية الطفل في المفرق.
وتم إخضاع الثانية للبرنامج التدريبي العلاجي باستخدام الموسيقى في مؤسسة إعادة التأهيل النفسي للأطفال الأحداث في مدينة الزرقاء.
وتم إخضاع الثالثة للبرنامج التدريبي العلاجي باستخدام الموسيقى والمركز على الصدمة في مؤسسة رعاية الطفل في المفرق.
أما الرابعة ( الضابطة) فلم يتم اخضاعها لأي نوع من المعالجات النفسية خلال فترة إجراء الدراسة.
الإجراءات أو المقاييس التي تم استخدمها لجمع البيانات.
- استخدمت أداة الدراسة من خلال قائمة تضم 30 فقرة يتم الإجابة عنها بنعم أو لا. حيث تتوزع هذه الفقرات على أربعة أبعاد أساسية وهي إعادة اختبار الحدث الصادم. التجنب. الإثارة الانفعالية الزائدة. أعراض نفسية أخرى مرتبطة بالصدمة. كما تم ترجمة القائمة. ثم عُرضت على 10 محكمين باختصاص الصحة النفسية. للتأكد من صحتها وملاءمة فقراتها. وقد تم اعتماد معيار اتفاق 8 محكمين على قبول الفقرة أو رفضها. بالإضافة لتغيير مفاتيح الإجابة ليكون ثلاثياً (دائماً، أحياناً، أبداً) دون إجراء أي تعديل لأي فقرة. وتم الاعتماد على ميزان ثلاثي تراوح بين دائماً. أحياناً. أبداً بقصد تصحيح القائمة.
- تم استخراج دلالات الاتساق الداخلي للقائمة من خلال تطبيقها على (20 طفلاً) خارج أفراد الدراسة. باستخدام معامل كرونباخ ألفا. كذلك تم استخراج ثبات القائمة بطريقة الإعادة بتطبيقها على (17 طفلاً) من خارج أفراد الدراسة بفاصل زمني (10 أيام). وتم احتساب معامل ارتباط (بيرسون) بين التطبيق الأول والثاني بمعامل الثبات (0.84) للبعد الكلي.
- تم اعتماد برنامجين علاجيين للتعامل مع أعراض قلق ما بعد الصدمة هما العلاج السلوكي المعرفي المركز على الصدمة. والعلاج بالموسيقى للتعامل مع الأعراض النفسية المسببة بفعل الأحداث الصادمة. وتكون كل من البرنامجين من (10 جلسات) بواقع جلستين أسبوعياً. بمعدل (60 دقيقة) لكل جلسة. بينما تم اعتماد برنامج ثالث يدمج بين البرنامجين السابقين من خلال دمج الفعاليات المتضمنة العلاج بالموسيقى مع الفعاليات المتضمنة العلاج السلوكي المعرفي المركز على الصدمة. وتكون البرنامج من (10جلسات) بواقع جلستين أسبوعياً. بمعدل (120 دقيقة) لكل جلسة.
كيفية جمع البيانات.
تم جمع البيانات باعتماد المنهج شبه التجريبي من خلال تصميم تضمن 4 مجموعات. واختبارات قبلية (O1) وبعدية (O2) من أجل ملاءمة الظروف التجريبية. وقد اعتمدت الدراسة على الاحصاء الوصفي والاحصاء التحليليز المتمثل باختبار تحليل التباين الأحادي الصاحب لاستخراج دلالات الفروق بالأداء البعدي على قائمة أعراض قلق ما بعد الصدمة بين المجموعات الدراسية.
متبوعاً باختبار توكي للفروق ما بين أكثر من متوسطين حسابيين. فقد تم استخراج المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لجميع أبعاد قائمة أعراض قلق ما بعد الصدمة بالأداء القبلي والبعدي.
نتائج الدراسة.
أشارت إلى فعالية البرنامج العلاجي المعرفي السلوكي-الموسيقي في خفض أعراض قلق ما بعد الصدمة بالبعد الكلي مقارنة بمجموعات المعالجة الأخرى والمجموعة الضابطة.
وفعالية التطبيق المنفرد لكل من العلاج المعرفي السلوكي والموسيقي في خفض أعراض إعادة اختبار الحدث الصادم والتجنب والأعراض النفسية الأخرى مقارنة بالمجموعة الضابطة.
ولم تظهر أثر وفعالية العلاج بالموسيقى في خفض أعراض الأثارة الانفعالية الزائدة.
الاستنتاجات لهذه الدراسة.
- فعالية البرامج الارشادية الثلاثة في خفض مستوى قلق ما بعد الصدمة. وأن استخدام العلاج التكاملي للعلاج المركز على الصدمة بالتزامن مع العلاج بالموسيقى أكثر فعالية. مقارنة مع استخدام العلاج المعرفي السلوكي والعلاج بالموسيقى بصورة منفردة. مما يؤكد على دور برامج العلاج بالموسيقى في تخفيف الاضطرابات النفسية.
- ضرورة تطبيق أساليب علاجية متخصصة بعلاج مشكلات البعد الأعراض النفسية الأخرى. كمشكلات العادات السيئة واللاإرادية كمص الأصبع وغيرها. كبرامج تعديل السلوك المتخصصة للتعامل مع المشكلات السلوكية للأطفال. فضلاً عن تعليم الوالدين طرق التعامل السلوكي مع مشكلات أطفالهم. كتشجيع أطفالهم للتعبير عن مخاوفهم تجاه المواقف الصادمة.
- إن توفير الجو الآمن للأطفال داخل الجلسات العلاجية بعيداً عن التوتر وتشجيعهم على التعبير عن انفعالاتهم المرتبطة بالصدمة. مما ساعد على إعادة اختبار اعراض قلق ما بعد الصدمة في البرامج الثلاث ضمن الجو الآمن الجمعي.
- إن فاعلية البرنامج التكاملي على العلاج المركز على الصدمة والعلاج بالموسيقى بسبب احتوائه على نشاطات ذات طابع لفظي كأساليب العلاج السردي للانفعالات الخاصة بالحدث الصادم. ونشاطات ذات طابع غير لفظي تضمنها العلاج بالموسيقى. بالتالي إحداث تغييرات إيجابية في نفسية الطفل. تجعله قادراً على التمييز بين الواقع الآمن والماضي الصادم.
تطبيقات وتأثيرات الدراسة فيما يخص مستقبل الأبحاث النفسية وفهم السلوك الاجتماعي بعيداَ عن الواقع.
أكدت على أهمية الأبحاث النفسية التي تساعد على فهم السلوك الاجتماعي بإتاحة الفرصة للأطفال للتعبير عما يجول في داخلهم من أفكار وانفعالات.
كما شجعت البرامج الارشادية في المؤسسات الأهلية في جعل الطفل ينخرط معها. واكتساب الكثير من المهارات وأهمية تقديم الخدمات العلاجية والارشادية ضمن برامج منفردة ومجتمعة.
كما أوصى الباحثون على الاستفادة من أدوات التقييم والبرامج الارشادية المستخدمة في الدراسة الحالية في التعامل مع مشكلات الأطفال المعرضين للصدمة.
وتقييم الأثر النوعي للبرامج العلاجية. من خلال تطبيقها مع مجموعات أخرى يعاني افرادها من قلق ما بعد الصدمة. واجراء دراسات تشتمل على برامج علاجية طويلة الأمد عن طريق التعاون مع مختصي الطب النفسي.
جوانب القوة والضعف في هذه الدراسة.
جوانب القوة.
الدراسة ناجحة. فيها العديد من النتائج المفيدة في مجال الطب النفسي. فتوظيف الموسيقى في العلاج النفسي من الأفكار الرائدة لدورها في نفض الانفعالات السلبية لدى الطفل. وإعادة ثقته بنفسه.
جوانب الضعف.
مدة الدراسة قصيرة تمتد حتى 10 جلسات. جلستين اسبوعياً. مع ملاحظة أن هذه الجلسات يجب أن تكون أطول. وقد اقتصرت على العلاج بالصدمة والعلاج بالموسيقى ودمج هذين النوعين من العلاج.
التعديلات الممكنة على الطريقة التي أجريت بها الدراسة.
من التعديلات التي يمكن تطبيقها على الدراسة هي أن يتم زيادة عدد الجلسات ومدة الجلسة الواحدة. وبالإمكان تقديم علاجات أكثر فاعلية لبعض الأمور والصعوبات التي لمسها الباحث من خلال المشاهدات أو من خلال الاستبيانات التي ظهرت خلال دراسته المطبقة على أطفال الدراسة.
النصائح التي أرغب بتقديمها للباحثين ونوعها.
أن تكون الدراسة لمدة أطول والتنويع في البرامج العلاجية فلا تقتصر العلاجات بالتركيز على تفريغ الانفعالات أو العلاج بالموسيقى. فهناك برامج تدريبية تهتم بالموارد البشرية. وتشجيع الأهل في تطبيق الرعاية المنزلية لأطفالهم.
كذلك مهارة الرسم والكتابة الأدبية تعمل على تفريغ الكثير من الانفعالات السلبية.
أيضاً الانخراط في النوادي الرياضية فجميعنا يعلم مدى فائدة الرياضة والسباحة في تفريع الشحنات السلبية والعدوانية التي تسكن في الأذهان والمشاعر.
قيمة وجدوى الدراسة.
كانت الدراسة قوية وذات فاعلية في البرامج العلاجية وبطريقة المعاملة وبطريقة التقييم. والتعرف على واقع الطفل الهارب من المشاهد المرعبة المستعصية على أن يتم إزالتها من ذهنه من خلال جلستين علاجيتين.
لذا كان لابد من زيادة عدد الجلسات وإضافة طرق وبرامج علاجية جديدة غير ما تم تطبيقه.
انعكاس الدراسة على واقعنا اليومي.
يمكن تطبيقها على حياتنا الواقعية اليومية المستقبلية بعد انتهاء الحروب. جراء ما مررنا به من أزمات وما نعاني منها لحد الآن.
وخاصة على الأطفال الذين هم أمل المستقبل. فالأفضل أن يتم علاجهم في فترات مبكرة. فالطفل قد يعاني من آلام أصعب من آلام القلق. فقد يكون لديه إعاقات مستديمة.
كثير من الأمور التي حدثت لهذا الطفل وطبقت عليه باعتباره فرد من أفراد المجتمع المعرض لهذه الحروب. لذا يجب معالجتها بطرق ما. وخاصة الرعاية المنزلية.
هل تعتبر الدراسة مفيدة وذات جدوى؟
هذه الدراسات مهمة ولكن لابد من تقديم المزيد من الدراسات والأبحاث بقصد إيجاد طرق وسبل لإنقاذ أطفال الحروب وعلاجهم نفسياً وجسدياً ودعمهم للاندماج مع الآخرين.
أثر هذه الدراسة على طريقة نظرتنا للتجارب أو الأحداث الحالية والتاريخية.
إن أثر هذه الدراسة لمست الواقع الذي يعيشه المجتمع العربي. وكيف سينشأ جيل مليء بالانفعالات النفسية السلبية والتي سينقلها إلى أبنائه في المستقبل.
هذا الجيل من الأطفال والذي شاهد القتل والتدمير والانفجارات أمام أعينه. سيعيش في الخوف طوال حياته. ليرث أبناءه الخوف.
لذلك لابد من التأكيد على الجمعيات الأهلية ومختصي الصحة النفسية على ضرورة بذل الجهود والأبحاث التجريبية. وتطبيقها على الأطفال في وقت مبكر.
بهدف انتقال الأطفال من مرحلة الطفولة إلى الشباب بحالة نفسية صحية بعيدة عن الخوف والانفعالات المثيرة المرتبطة بالحدث الصادم.
المراجع.
- الديوان الأميري، مكاب النماء الاجتماعي بدولة الكويت. (2000). الاضطرابات التالية للأحداث الصدمية – دراسة ايبديمولوجية. ط1. الكويت: مكتبة الكويت الوطنية.
- آل دهام، باسم رسول كريم. (2012). الأحداث الضاغطة وعلاقتها بفاعلية الذات لدى طلبة المرحلة الإعدادية. عدد 203. العراق. مجلة الأستاذ.
- ضمرة، جلال كايد وأبو عيطة. سهام. (2014). أثر العلاج المعرفي السلوكي المركز على الصدمة والعلاج بالموسيقى في خفض أعراض قلق ما بعد الصدمة لدى عينة من أطفال الحروب. الأردن: دراسات العلوم التربوية. المجلد 1. العدد 41.
- محرزي، جبران بن داحش علي. (2021). اضطراب ما بعد الصدمة وعلاقته بقلق المستقبل لدى عينة من طلاب المرحلة الثانوية بمدارس الحد الجنوبي – دراسة بحثية بتعليم منطقة جازان. مجلد 37. عدد7. جامعة أسيوط. مصر: إدارة البحوث والنشر العلمي (المجلة العلمية). كلية التربية.