النقود، السياسة النقدية ودور البنك المركزي
تعتبر السياسات المالية والنقدية من السياسات الهامة التي تقوم بها الحكومات لتحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي. ولها دور مهم في تحقيق الأهداف التي يضعها المعنيون بالاقتصاد في الدولة.تعريف السياسة النقدية.
يقوم مفهوم السياسة النقدية على استخدام مجموعة من الأدوات والسياسات التي تقوم بها السلطات النقدية في بلد ما. بهدف التأثير على كميات النقود المعروضة من خلال التحكم بسعر الفائدة (غدير، 2010).فقيام السلطة النقدية بزيادة اسعار الفائدة يؤدي لزيادة تكاليف الاقتراض. مما يؤدي إلى تقليل إنفاق المستهلكين وخفض الاستثمارات. وهو ما يؤدي إلى تراجع الطلب وانخفاض التضخم. كما للتقليل من معدلات البطالة وللحفاظ على قيمة العملة النقدية للدولة من الانخفاض أو التعويم (الزغبي، 2023).
اقرأ أيضاً القوة العاملة والأجور - أهمية دراسة البطالة في الاقتصاد الكلي.
اقرأ أولاً السياسات النقدية - السياسات النقدية الانكماشية وتأثيراتها على النشاط الاقتصادي.
اقرأ أيضاً الأوراق المالية والبورصات - التقرير السنوي لشركة MTN السورية.
أهداف السياسة النقدية.
تهدف السياسات النقدية لتحقيق أهداف مختلفة بحسب وضع الدولة. ففي الدول المتقدمة. يكون الهدف هو تحقيق الاستقرار النقدي وخفض معدلات التضخم.أما في الدول النامية فتهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادي. والحفاظ على الاستقرار النقدي. وخفض معدلات البطالة. وايجاد نوع من الاستقرار في سعر صرف العملات (بشيشي، 2014، ص 168-169).
ويمكن تمييز السياسة النقدية بأهدافها والتي يمكن أن تميزها عن غيرها من السياسات الأخرى. ومن هذه الميزات نذكر(مقدم وعبد القادر، 2022، ص3):- استقرار العملة. حيث إن مراقبة الائتمان المصرفي يهدف لمحاولة تحقيق استقرار في قيمة العملة الوطنية. عن طريق الحد من الزيادة والتوسع المفرط في عرض النقد وما يسبب من آثار ضارة على قيمة العملة الوطنية. مع الالتزام بحجم مناسب من الاحتياطات الدولية من قبل البنك المركزي. فضلاً عن عدم التوسع المفرط في ممارسات الإقراض الحكومي. بهدف تحقيق الاستقرار في قيمة العملة الوطنية.
- استقرار المستوى العام للأسعار. وهو الهدف المركزي للسياسات النقدية. عن طريق مراقبة الائتمان المصرفي. فالتغير في الأسعار يؤدي لأضرار جسيمة في طبقة الدائنين ولكن في مصلحة المدينين. وبالتالي توزيع سيئ وغير عادل للثروة بين الطرفين.
- تشجيع النمو الاقتصادي. وذلك من خلال الرقابة على حجم الائتمان وكلفته من قبل السياسة النقدية وأدواتها. مما يسهم في زيادة مستمرة في الناتج الحقيقي للبلد. كما يستطيع البنك المركزي في تطبيق تغييرات في حجم الاحتياطات الكلية للبنوك التجارية. وقدرتها في التأثير على حجم الائتمان أو خلق الائتمان في المصرف. وبالتالي يمكن القول أن السياسة النقدية التوسعية هدفها إبقاء سعر فائدة منخفض. مما يدفع لزيادة الطلب على الائتمان والاستثمار وبالتالي النمو الاقتصادي (مفتاح، 2005، ص137).
- تحسين ميزان المدفوعات من خلال العمل على رفع سعر الفائدة. من أجل جذب رؤوس الأموال والقطع الأجنبي للتحرك إلى داخل البلد. واتباع نظام صرف يساهم في تشجيع الصادرات والتقليل من الواردات. وبالتالي فإن المساهمة في تخفيض سعر الصرف يؤدي لتحسين الميزان التجاري في حال زادت الصادرات وانخفضت الواردات.
- تحقيق مستوى عال من الاستخدام (العمالة الكاملة). فالتوظيف الكامل وتحقيق مستوى تشغيل عال يعتبر من بين الأهداف التي تسعى إليها السياسة النقدية. والهدف من ذلك هو تثبيت النشاط الاقتصادي عند مستوى أقصى ما يمكن من تشغيل الموارد الطبيعية والبشرية. ويتوجب على السلطات النقدية اتخاذ جميع الإجراءات التي تساهم في تجنيب الاقتصاد للبطالة وما يرافقها من مظاهر انكماشية.
- التحكم في دائرة التقلبات الاقتصادية. حيث إن بعض اقتصاديات الدول وخاصة التي تنتهج النظام الاقتصادي الرأسمالي تتعرض لتقلبات اقتصادية. فيشهد الاقتصاد فترات من الركود. فيؤثر سلباً على الاقتصاد وعلى معدلات التوظيف. وهنا يمكن للسياسة الائتمانية أن تلعب دوراً في تخفيف الآثار السلبية لتلك التقلبات. من خلال انتهاج سياسة ائتمانية توسعية خلال فترات الركود. أو سياسة تقييدية في حالة الرواج (باصور، 2016، ص54).
ما هي أداوات السياسة النقدية؟
يمكن القول أن أداة السياسة النقدية هي مجموعه القواعد والوسائل والأساليب والاجراءات والتدابير. التي تقوم بها السلطة النقديه للتأثير في عرض النقود. بما يتلاءم مع النشاط الاقتصادي لتحقيق أهداف اقتصادية معينة خلال فترة زمنية معينة (أحمد وحسين، 2008، ص 261) .كيف تؤثر التغيرات في أدوات السياسة النقدية التالية على عرض النقود؟ وعلى الاقتصاد (مثل الإنتاج، الإنفاق. التضخم. البطالة)؟
يعد موضوع عرض النقود من المواضيع البالغة الأهمية في الاقتصاد. وقد حظي بكثير من الاهتمام والبحث من قبل الكثير من المفكرين على المستوى النظري والتطبيقي. لذا فإن معظم الدول اهتمت بالسياسة النقدية لعرض النقود. مع تنظيم إصداره بحيث يتوافق مع الأهداف الاقتصادية الكلية. فالسياسة النقدية تتدخل بإجراءاتها ومنهجيتها وأدواتها. لتكييف عرض النقود على مستوى النشاطات الاقتصادية.
وبالأخذ بعين الاعتبار أن السياسة النقدية هي مجموعة إجراءات يقوم البنك المركزي باتخاذها. بهدف التحكم بعرض النقود ومعدلات الفائدة. من أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية الكلية مثل الحد من التضخم.
أ- تخفيض سعر الخصم.
سعر الخصم.
هو تكلفة اقتراض المصارف والبنوك التجارية من المصرف المركزي ويمكن اعتباره مؤشر مركزي لتكلفة الأموال (محمد، 2017، ص 522).فتخفيض سعر الخصم يقلل من تكلفة الأموال بالتالي يسمح للمصارف بالتوسع في الإقراض. بالإضافة إلى ذلك فهو يسمح للمصارف بتخفيض أسعار الفائدة على القروض مما يزيد الطلب على القروض ويزيد العرض النقد. ويمكن استخدام هذه السياسة لتحفيز الإنفاق والإنتاج أثناء حالات الانكماش الاقتصادي. والجدير بالذكر أن زيادة العرض النقدي قد يسبب ضغوط تضخمية.
ب- زيادة الإصدار النقدي مع زيادة الإنتاج بنفس النسبة.
عندما تتساوي النسبة بين قيمة النقد والإنتاج تكون الأسعار مستقرة بالتالي يستقر الاقتصاد وينتعش. والإصدار النقدي هي النقود الجديدة التي يتم ضخها من قبل البنك المركزي وهذه الزيادة تؤدي إلى زيادة العرض النقدي. وفي حال كانت هذه الزيادة لا تتجاوز معدل النمو الاقتصادي يمكن استخدام أموال إضافية لتمويل تبادل الناتج دون أن تقود إلى أي تضخم.ت- رفع نسبة الاحتياطي القانوني.
تعريف الاحتياطي الإلزامي.
هو نسبة من النقود التي يتم إيداعها من قبل الجمهور. أي نسبة حجم الودائع التي يجب على البنوك والمصارف التجارية أو المركزية الاحتفاظ بها بموجب القانون.ويمكن توضيح أن الارتفاع في نسبة الاحتياطي القانوني تعني تقييد قدرة البنوك والمصارف على الإقراض. كونها تعمل على تقليل الأموال الحرة المتاحة للإقراض. وانخفاض العرض النقدي بسبب تقليل قدرة المصارف والبنوك على الإقراض. ويمكن استخدام هذه السياسة لمواجهة حالات التضخم كونها تعمل على التقليل من الانفاق في الاقتصاد (محمد، 2017، ص 496).
ث- شراء الأوراق المالية الحكومية في السوق المفتوحة.
ويقصد بعمليات السوق المفتوحة قيام البنك المركزي ببيع أو شراء الأوراق المالية الحكومية من سندات وأذون خزينة في السوق المالية. فقيام الحكومة بشراء السندات الحكومية يعني أن الحكومة تدفع الأموال للجمهور مقابل السندات.ذلك يزيد من العرض النقدي مما يزيد الإنفاق. يستخدم هذا الإجراء لتحفيز الإنفاق والإنتاج في حالات الانكماش الاقتصادي تؤدي زيادة العرض النقدي إلى ضغوط تضخمية (محمد، 2017، ص 495).
وفي النتيجة تعتبر البنوك المركزية هي الجهة المسؤولة عن السياسات النقدية. التي تهدف للتحكم في العرض النقدي والسيطرة عليه. كما أن لأدوات السياسة النقدية دوراً كبيراً في حل الأزمات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار.
المراجع.
- أحمد، عبد الغفور وحسين، مجيد خليل. (2008). مبادئ علم الاقتصاد. عمان. الأردن: دار زهران للنشر والتوزيع.
- الزغبي، محمد. (2022، ديسمبر17). أهم المعلومات عن السياسة النقدية. موقع رواد. تم الاسترجاع من الرابط https://2u.pw/oIOLF .
- باصور، كمال. (2016). أثر فعالية السياسة النقدية في تحقيق التوازن الخارجي بإشارة إلى حالة الجزائر خلال الفترة 2000 -2016. العدد 6. الجزائر: مجلة الاقتصاد والتنمية. جامعة يحيى فارس المدية.
- بشيشي، وليد. (2014). التحليل الكمي لأثر السياسة النقدية على النمو الاقتصادي – دراسة تطبيقية على الاقتصاد الجزائري خلال الفترة 1990-2012. مجلة مركز دراسات الكوفة.
- غدير، هيفاء غدير. (2010). السياسة المالية والنقدية ودورها التنموي في الاقتصاد السوري. دمشق: الهيئة العامة السورية للكتاب.
- محمد، منال جابر مرسى. (2017، اكتوبر12). تقييم فاعلية السياسة النقدية في تحقيق استقرار سعر الصرف في مصر خلال الفترة 1990 - 2017. المجلد 47. العدد 4. جامعة سوهاج. مصر: المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة.
- مفتاح، صالح. (2005). النقود والسياسة النقدية – المفهوم والأهداف والأدوات. الجزائر: دار الفجر للنشر والتوزيع.
- مقدم، أمين وعبد القادر، ميلي. (2022). فعالية أدوات السياسة النقدية في تحكم في العرض النقدي – دراسة حالة الجزائر فترة 2010 – 2020. رسالة ماجستير في العلوم الاقتصادية. ميدان العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير والعلوم التجارية. تخصص اقتصاد نقدي وبنكي. جامعة قاصدي مرباح – ورقلة.