تكامل الأهداف الموجودة في جوانب بطاقة الأداء المتوازن لتتحقق الرؤية والرسالة الشخصية
مع التغيرات الاستراتيجية المتسارعة التي تشهدها بيئة الأعمال المعاصرة. ولاسيما مع هذا التطور التكنولوجي غير المسبوق. وانتشار العولمة وما رافقها من اندلاع المنافسة الشديدة بين الشركات العالمية. وسعيها لتلبية الاحتياجات الجديدة والمتنوعة للعملاء ومتطلباتهم في تقديم منتجات وخدمات بجودة عالية.
ولتحقيق ذلك تسارع سعي تلك الشركات والمؤسسات في مجالات التطوير والابداع في تقديم منتجاتها وخدماتها لتضمن بقائها في سوق المنافسة. وبدأت تتبع أساليب حديثة في مجالات التخطيط والرقابة وقياس وتقييم الأداء.
حيث يعتبر التطبيق الناجح لعملية قياس وتقييم الأداء عاملاً حاسماً في نجاح المنظمة واستمرارها. ومع أن تقييم الأداء هو من الاجراءات التي دأبت المنظمات على اتباعها منذ البدايات لأن تلك الطرق كانت تقليدية اعتمدت بشكل رئيسي على تقييم المعايير المالية.
إلا أن تلك الأساليب أصبحت غير ذات جدوى وغير قادرة على العمل بشكل فعال في ظل بيئة الأعمال المعاصرة. لذلك ومن أجل تحسين أنظمة قياس وتقييم الأداء. تم ابتكار طريقة قياس جديدة تعتمد على قياس مختلف جوانب الأنشطة التي تقوم بها المنظمة والمحيط الذي تعمل به.
وقد سميت هذه الطريقة بطاقة الأداء المتوازن (BSC) وتمتاز هذه الطريقة باعتمادها بشكل أساسي على رؤية ورسالة المنظمة وأهدافها الاستراتيجية. التي تترجم بمقاييس أداء يعكس التوجه الاستراتيجي للمنظمة ودور كل فرد في تحقيق تلك الأهداف (محمد حسين، 2019، صفحة 31).
اقرأ أيضاً سكامبر وتحليل رؤية ورسالة الشركة - ماهي أداة SCAMPER ؟
ما هي وظيفة بطاقة الأداء المتوازن؟
في عام 1992 قامت مجموعة عمل في جامعة هارفارد برئاسة كلاً من David P. Norton و Robert S. Kaplan بدراسة التحديات الناجمة عن الاكتفاء بتقارير الاداء المالية فقط. في المؤسسات الهادفة للربح. والتحديات الناجمة عنها .
لأن التقارير المالية تقدم بيانات أو معلومات عما حدث في فترات سابقة. لكنها لا تتيح الامكانية لاستشراف المستقبل. لذلك كانت الغاية من الدراسة البحث في الاجراءات التي تتطلع إلى الأمام في ويمكنها التنبؤ بما سيحدث مستقبلاً في الوقت المناسب اعتماداً على مؤشرات رئيسية. وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على استراتيجية المنظمة (السعودي الاستراتيجي، 2019).
وهكذا تم ابتكار بطاقة الأداء المتوازن (Balanced Score Card) كنظام إداري متكامل يبدأ من إعادة وضع وصياغة الأهداف الاستراتيجية للمنظمة. وتحويلها إلى مجموعة من الأهداف الذكية (SMART Objective) القابلة للقياس.
حيث يتم مراقبتها وتقييمها والتعديل عليها بما يضمن تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمنظمة. فنظام بطاقة الأداء المتوازن يعمل على توفير رؤية شاملة لأصحاب القرار. من خلال وضع مقاييس إضافية لقياس وتقييم الأداء والمهارات. في مجالات مختلفة للمنظمة مثل رضا العملاء وابتكار منتجات جديدة وغير ذلك إضافة للتقارير المالية ( فحماوي، 2022).
إذاً بطاقة الأداء المتوازن هي أداة إدارية تساعد في قياس أداء الفرد أو المنظمة من خلال النظر إلى جوانب رئيسية. لتحقيق التوازن والتكامل في الأهداف الموضوعة. حيث يمكن توزيع الأهداف على هذه الجوانب وصياغة مؤشرات الأداء لتقييمها والمعايير اللازمة لتحقيقها.
ما هي محاور بطاقة الاداء المتوازن؟
بطاقة الأداء المتوازن تتكون من أربعة أبعاد لقياس الأداء تشمل: الأداء المالي. والعلاقة مع العملاء. والعمليات الداخلية. والتعلّم والنمو. وعندما تكون هذه الأبعاد الأساسية متوازنة يمكن لها أن تحقق النجاح الشامل للمنظمة وفيما يلي شرح مبسط لهذه الأبعاد (محمد حسين، 2019، الصفحات 54-55) :
- البعد المالي: يهتم هذا البعد بالأهداف المالية للمنظمة والمؤشرات المالية المختلفة المتعلقة بعملها والتي تشمل الإيرادات والنفقات والأرباح والعائد على الاستثمار. والتدفق النقدي والحصة السوقية وما إلى ذلك.
- بعد العملاء: يتعلق هذا البعد بمؤشرات أداء المنظمة في تلبية حاجات ورغبات العملاء (الزبائن-الموردين ...) والمحافظة على العلاقات الجيدة معهم. وتشمل مؤشرات هذا البعد العوامل المرتبطة برضا العملاء وولائهم وتطورهم الكمي والنوعي والاحتفاظ بهم. والإحالات. والشكاوى. وما إلى ذلك.
- بعد العمليات الداخلية: هذا البعد يهتم بجودة المنتج أو الخدمة الني نقدمها المنظمة. ومدى فعالية العمليات التي تتبعها في توفيرها لمنتجاتها أو خدماتها. وتشمل مجموعة من المؤشرات مثل زمن التسليم وجودة الإنتاج. بساطة الاجراءات وزمن الدورة. الكفاءة. والابتكار. والامتثال. وإدارة المخاطر. وما إلى ذلك.
- بعد التعلم والنمو: يتعلق هذا البعد بتحسين قدرات الشركة وتطوير مهارات موظفيها من خلال التدريب والتطوير. وتشمل المؤشرات المرتبطة بالتعلم والنمو الابتكار والإدارة الاستراتيجية والعلاقات والثقافة التنظيمية. والمنظمة المتعلمة. رضا الموظفين. والمشاركة. ودوران الموظفين. والتدريب. والمهارات. والمعرفة. وما إلى ذلك
لماذا سميت بطاقة الاداء المتوازن بهذا الاسم؟
رأينا أن استخدام بطاقة الأداء المتوازن يهدف لتحديد الأهداف والمؤشرات المناسبة في كل من الأبعاد الأربعة. وتتبع الأداء بانتظام للتأكد من تحقيق الأهداف الاستراتيجية بطريقة متوازنة وفعالة. حيث تتفاعل هذه الأهداف وتتكامل في بطاقة الأداء المتوازن. وتعمل معًا لتحقيق رؤية المنظمة أو الرؤية الشخصية.فعلى سبيل المثال. يمكن أن يؤدي تحقيق هدف زيادة الدخل الشهري إلى تحسين جودة الحياة والمزيد من الوقت المخصص للتطوير الشخصي. وبالتالي يؤثر على جوانب العملاء والعمليات بشكل إيجابي أيضًا.
أي يمكن للمنظمات استخدام بطاقة الأداء المتوازن لتحسين أدائها الشامل وتحقيق النجاح المستدام. وهذا يعكس التكامل الذي يحدث بين الأبعاد المختلفة لبطاقة الأداء المتوازن في تحقيق الأهداف. حيث تزوّد بطاقات الأداء الإدارة برؤية ثاقبة حول خدمات الشركة وجودتها. إضافة لمتابعة الجوانب المالية للمنظمة.
إن الاهتمام بكل هذه الأبعاد وقياس كل المؤشرات المتعلقة بها يمكّن المديرين التنفيذيين في توصيل أهدافهم وأولياتهم للعاملين. ويساعد في تدريب الموظفين وأصحاب المصلحة الآخرين. واعطائهم التعليمات والدعم اللازمين. مما يسهم بدوره على تحقيق أهدافهم المستقبلية (فريق مفاهيم، 2021).
وينعكس التوازن في بطاقة الأداء المتوازن من أنها تحقق التوازن بين أهداف المنظمة قصيرة الأجل والأهداف طويلة الأجل. والتوازن بين المؤشرات المالية وغير المالية. والتوازن بين مؤشرات قياس الأداء السابق ومؤشرات قياس الأداء المستقبلي. التوازن بين أداء المنظمة في بيئتها الداخلية (التعلم والنمو) وبيئتها الخارجية.
ما أنواع المهارات التي يمكن أن تتطلبها عملية بطاقة الأداء المتوازن؟
يتضح مما ذكرناه في الفقرات السابقة بأنه لتطبيق بطاقة الأداء المتوازن هناك حاجة إلى كم واسع من المعلومات والمهارات التي لابد من توفرها لدى القائمين على العمل سواء الإدارة العليا أو الوسطى أو الإدارات التنفيذية (حسن و نور، 2005، الصفحات 19-31).- مهارات وأدوات التحليل والتفكير الاستراتيجي لدراسة البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة. ومهارات حديثة للتخطيط وقياس الأداء. تساعد على تجاوز نقاط الضعف في الطريقة التقليدية. وتكون قادرة على وضع الأهداف الاستراتيجية.
- مهارات القدرة على ترجمة الأهداف الاستراتيجية وتحويلها لمؤشرات قابلة للقياس. من خلال تحديد الأفعال والأنشطة المطلوبة واللازمة. لتحقيق هذه الأهداف والخطط لكافة المستويات وربطها ببعضها.
- مهارات التواصل لخلق لغة مشتركة للتفاهم بين المدراء والمسؤولين عن نظم المعلومات والمنفذين للاستراتيجية.
- مهارات في إدارة الموارد البشرية لتحفيز كافة العاملين على الاهتمام بتطبيق مفاهيم بطاقة الأداء المتوازن لما فيه من تحقيق مصلحة مشتركة للتنظيم والأفراد.
مثال حول تطبيق بطاقة الأداء المتوازن حول الأهداف الشخصية؟
رأينا أن بطاقة الأداء المتوازن هي أداة إدارية تساعد في قياس أداء الفرد أو المنظمة. من خلال النظر إلى أربعة جوانب رئيسية: الجوانب المالية. والعملاء. والعمليات. والتطوير والنمو الشخصي.ولتحقيق التوازن والتكامل في الأهداف الشخصية. يمكن توزيع الأهداف على هذه الجوانب وصياغة مؤشرات الأداء والمعايير المحددة لتحقيقها.
وفيما يلي سنعرض مثالاً توضيحياً لصياغة بطاقة الأداء المتوازن باستخدام أهداف شخصية:
1. الجانب المالي.
- الهدف: زيادة الدخل الشهري بنسبة 20٪ في غضون عام.
- مؤشرات الأداء: مقدار الزيادة في الدخل الشهري. وتحقيق هدف محدد للدخل كل شهر.
- مبادرات: مثل زيادة ساعات العمل أو البحث عن فرص إضافية للدخل. أوتطوير مهارات جديدة لزيادة القيمة في السوق.
2. جانب العملاء.
- هدف: زيادة رضا العملاء بنسبة 25٪ خلال السنة القادمة.
- مؤشرات الأداء: معدل الرضا لدى العملاء. وعدد الشكاوى أو الاستفسارات التي تم حلها بنجاح.
- مبادرات: مثل تحسين جودة الخدمة أو المنتج. أوإطلاق حملات تسويقية لزيادة الوعي بالعلامة التجارية.
3. جانب العمليات.
- هدف: زيادة كفاءة العمليات بتخفيض تكاليف الإنتاج بنسبة 15٪ خلال العام القادم.
- مؤشرات الأداء: تكاليف الإنتاج للوحدة الواحدة. ومعدل النفايات أو الأخطاء.
- - مبادرات: مثل تحسين عمليات الإنتاج والتصنيع. أوتدريب الموظفين على أساليب العمل الفعالة.
4. جانب التطوير والنمو الشخصي.
- هدف: تطوير مهارات القيادة والتواصل بحيث يتم ترقيتي لمنصب إداري في العام القادم.
- مؤشرات الأداء: المشاركة في دورات تطوير القيادة. وتقييمات الأداء من المديرين والزملاء.
- مبادرات: مثل حضور دورات تدريبية في القيادة والاتصال. أوالعمل على مشاريع تطويرية داخل الفريق.
في الختام تتفاعل وتتكامل هذه الأهداف في بطاقة الأداء المتوازن بحيث تعمل معًا لتحقيق الرؤية الشخصية. فعلى سبيل المثال. يمكن أن يؤدي تحقيق هدف زيادة الدخل الشهري إلى تحسين جودة الحياة والمزيد من الوقت المخصص للتطوير الشخصي. وبالتالي يؤثر على جوانب العملاء والعمليات بشكل إيجابي أيضًا. هذا يعكس التكامل الذي يحدث بين الأبعاد المختلفة لبطاقة الأداء المتوازن في تحقيق الأهداف الشخصية.
المراجع.
- السعودي الاستراتيجي. (22 جولييه, 2019). ما هي بطاقة الأداء المتوازن؟. موقع السعودي الاستراتيجي. تم الاسترجاع من الرابط https://strategicsaudi.com/2019/07/22/balanced-scorecards/.
- حسن، انعام محسن، ونور، عبد الناصر. (2005). أهمية ومدى استخدام بطاقة العلامات المتوازنة في تقويم الأداء -دراسة تطبيقية في عينة من المصارف الأردنية. المجلة الأردنية في إدارة الأعمال.
- حسين، رامز رمضان محمد. (2019). استخدام بطاقة الأداء المتوازن في قياس وتقييم الأداء المؤسسي في المنظمات العامة. المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية.
- فحماوي، عبد المجيد. (7 نوفمبر, 2022). ما هي بطاقة الأداء المتوازن؟. موقع موضوع. تم الاسترجاع من الرابط https://2u.pw/hTE2f.
- فريق مفاهيم. (19 بونيو, 2021). بطاقة الأداء المتوازن. موقع مفاهيم. تم الاسترجاع من الرابط https://mafaheem.info/?p=3598.