recent
أخبار ساخنة

عرض النقود – ما هو دور المال في الاقتصاد؟

الصفحة الرئيسية

العوامل المؤثرة في عرض النقود

يلعب التكوين الرأسمالي دوراً هاماً في اقتصاديات العديد من الدول. حيث ترتبط الأهداف الاقتصادية للدول بزيادة النمو الاقتصادي. وزيادة التوظيف. وزيادة مستوى الدخول ارتباطاً وثيقاً بالادخار والاستثمار.

ويُعرف التكوين الرأسمالي بأنه أي استثمار يعمل على زيادة الطاقة الإنتاجية للمجتمع. ويشمل الاستثمار المادي في الآلات والمباني والمعدات. وكذلك الاستثمار غير المادي في التعليم والتدريب والصحة وغيرها من الاستثمارات التي تعزز إنتاجية المجتمع.

عرض النقود – ما هو دور المال في الاقتصاد؟




إن وجود نظام مالي فعال يُعد ضرورياً لأي نظام اقتصادي متقدم. فهو الذي يوفر الموارد المالية اللازمة لسير النشاط الاقتصادي عن طريق توفير المنشآت والأدوات والأسواق القادرة على تجميع المدخرات اللازمة للاستثمار.

تشمل وظائف النظام المالي خلق النقود. وتحويل النقود. وتجميع المدخرات. والإقراض والاستثمار المالي. وتسويق الأوراق المالية. وتسهيل تداول الأصول المالية. كما تمثل الأسواق المالية حلقة الوصل بين المدخرين والمنتجين. وتقوم بنقل الأموال الفائضة إلى تلك القطاعات التي لديها عجز في الأموال. (مصيطفى وبوزيان، 2015).


تحتم على المجتمعات أن تتدرج في اكتشاف وابتكار سلع وسيطة بحيث تكون مقبولة للجميع. بسبب ضرورتها واستجابتها لحاجيات البشر. وتتمثل هذه الوسائل بالنقود التي تدرجت منذ القدم من الحيوانات إلى الملح والشاي وغيرها من المواد. حتى التوصل للمعادن النفيسة كوسيلة تبادل. ومن ثم تطور الأمر حتى وصلنا إلى ما عليه من النقود (خليل، د – ت، ص1).

إن النقود هي مجموع وسائل وطرق الدفع التي يتم من خلالها إتمام جميع المدفوعات على كامل الإقليم. وهي كل ما شاع استعماله وتم قبوله كوسيلة للمبادلة. بمعنى آخر هي وسيلة تمنح حائزها بالمعنى الاقتصادي قوة شرائية وبالمعنى القاوني تسديد دين (بو عبد الله، 2021، ص20).

ما هي الوظائف الاقتصادية التي يؤديها المال؟


المال يؤدي عدة وظائف اقتصادية رئيسية تشمل (بو عبد الله، 2021، ص22):

1. وسيلة للتبادل (Medium of Exchange).

يستخدم المال كوسيلة لتبادل السلع والخدمات. دون المال. يعتمد الاقتصاد على المقايضة. التي تكون غير فعالة وتستغرق وقتًا طويلًا. بسبب صعوبة إلزام وجود أطراف التعامل من حيث المكان والزمان والتي تتطابق احتياجاتهم بشكل دقيق. مع وجوب وجود السلعة المرغوبة بينهما.

لذلك تستخدم النقود كأداة لتسهيل عمليتي البيع والشراء للسلع والخدمات. فهي أداة تمنح صاحبها القدرة على شراء أي سلعة أو خدمة وتعطيه الحق في تسوية المدفوعات وسداد الدين بدون أبطاء أو تأجيل. فالأشخاص يستلمون دخلهم في نهاية الشهر. ومن ثم ينفقونه خلال فترات زمنية متتالية.

تستخدم النقود كأداة لتسهيل عمليتي البيع والشراء للسلع والخدمات. فهي أداة تمنح صاحبها القدرة على شراء أي سلعة أو خدمة. وتعطيه الحق في تسوية المدفوعات وسداد الدين بدون أبطاء أو تأجيل.

وهذه الوظيفة التي تقوم بها النقود مستمدة من طبيعة النقود نفسها. في كونها مقبولة مقبولاً عاماً من الأفراد في استخدامها أداة مناسبة. لتسوية عمليات المبادلة وسداد الديون. لذلك يطلق غالباً على النقود في أنها (قوة شرائية). بمعنى أن حائزها يستطيع بموجبها أن يحصل (يشتري) على ما يساوي قيمتها من السلع والخدمات. ومن أي سوق يشاء وفي أي وقت يريد وكذلك بالشروط التي يرها مناسبة له.

ويمكن توضيح هذه الوظيفة من خلال هذا المثال: أن الإفراد يستلمون دخلهم في نهاية الشهر. فهم لا ينفقون جميع دخلهم في لحظة واحدة إنما في فترات زمنية متعاقبة ومتواصلة ومتباعدة نسبياً تمتد منذُ فترة استلامهم للدخل وحتى نهاية هذه الفترة.

2. وحدة حساب (Unit of Account).

يوفر المال وسيلة موحدة لقياس وتقييم قيمة السلع والخدمات بالنسبة لغيرها من السلع والخدمات. هذا يساعد في تحديد الأسعار ويوفر مرجعًا واضحًا للمقارنة بين قيم المنتجات المختلفة. ويمكن تشبيه بالنسبة للسلع كالمتر بالنسبة للأطوال. وهكذا فإن قيم السلع والخدمات تتحدد بالنقود. (بو عبد الله. 2021، ص22):

والمقصود بالنقود كوحدة حساب أو مقياس للقيمة هو تلك الوسيلة النقدية العامة المستخدمة في التعبير العددي عن قيم السلع والخدمات. ويتجلى ذلك في أن النقود تسمح بتحديد عدد الوحدات النقدية الضرورية. التي تدفع للحصول على السلع والخدمات.

أي بفضل النقود نستطيع معرفة ما تعادله القيم الاقتصادية المعروضة للمبادلة من وحدات نقدية. وعلى هذا الأساس تجري عمليات مبادلة القيم الاقتصادية من السلع والخدمات بالنقود .

3. مستودع ومخزن للقيمة (Store of Value).

يحتفظ المال بقيمته على مدى الزمن. مما يسمح للأفراد بتخزين الثروة والادخار للمستقبل. يعتبر المال وسيلة لتأجيل الاستهلاك حتى وقت لاحق. فهي مستودع جيد لقدرة مالكها الحصول على حاجياته ورغباته من السلع والخدمات في المستقبل. طالما لديه ادخار الفائض في شكل نقود. (بو عبد الله، 2021، ص22):

إذ يمكن خزن النقود كقوة شرائية عامة مدة من الزمن بقصد أعادة استعمالها في المستقبل حين تظهر الحاجة أليها. فقيام النقود بفصل عمليتي البيع والشراء يجعل النقود قادرة على خزن قيم السلع. والحصول عليها في فترات لاحقة بوصفها أداة للخزن القيمة وأداة لادخار أيضاً.

فالنقود تعمل كجسر تربط بين الحاضر والمستقبل. فتكون مهيئة للإنفاق على السلع والخدمات المعروضة في السوق في الوقت الحاضر. وتستخدم في المستقبل كأرصدة نقدية لمواجهة الظروف الطارئة كفقدان العمل أو المرض أو الشيخوخة أو توظيفها في الأصول المالية أو تكوين رأس المال جديد (صافة، 2023، ص27).


4. مقياس للمدفوعات المؤجلة (Standard of Deferred Payment).

النقود باعتبارها وسيلة للتبادل ومقياس للقيمة. فهي تستخدم كمعيار للمدفوعات الآجلة والمستقبلية. مثل القروض والديون. يسمح هذا النظام بوجود عقود مالية تعتمد على تحديد مبلغ معين يدفع في المستقبل بوحدات نقدية.

يستخدم الأفراد النقود لتسديد الديون. فكما هي أداة صالحة لتسوية المبادلات الآنية فإنها أداة صالحة لتسوية المبادلات الآجلة أيضاً. وتظهر أهمية هذه الوظيفة من خلال توسع عمليات التعاقد الفردي والرسمي الآجلة.

حيث يمكن بعض الأحيان شراء سلع معينة يتم تسديد ثمنها بالإقساط أو تسديده مرة واحدة في فترة لاحقة لفترة التعاقد سواء كان ذلك للأفراد أو الحكومات. ويتم تسوية أو تسديد هذه الديون بواسطة النقود. التي تعد خير وسلة للدفع أو تسديد المؤجل. وذلك لكونها مقبولة قبولاً عاماً لدى الأطراف المتعاملة بها. فضلاً عن أنها قادرة على تأدية وظائفها (بوبريمة، 2018، ص14).

5. النقود كأداة للتأثير على مستوى النشاط الاقتصادي. 

حيث تشير إلى دورها الحيوي في التأثير على الاستثمار. الإنتاج. الدخل. الاستخدام. والأسعار. زيادة عرض النقود (بسبب سياسة نقدية توسعية). تؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة على القروض.

مما يشجع المنتجين على الاقتراض وزيادة الاستثمار. هذا بدوره يزيد الإنفاق الكلي على السلع والخدمات. مما يعزز الإنتاج والاستخدام ويرفع مستوى النشاط الاقتصادي بشكل عام. بذلك. تشهد الفعاليات الاقتصادية حركة توسعية. (بو عبد الله، 2021، ص22):


بمعنى آخر يقصد بهذه الوظيفة أن النقود لها أثر على حركة الاستثمار والإنتاج والدخل والاستخدام والأسعار. وأن لها دور في توجيه هذه المتغيرات الكلية التي تحكم سير النشاط الاقتصادي. تؤثر النقود على حركة النشاط الاقتصادي. عن طريق العلاقة بين عرضها (كميتها) والطلب عليها (حاجات السيولة النقدية).

فلو زاد المعروض النقدي عن المطلوب منه نتيجة أتباع سياسة نقدية توسعية. فأن ذلك سيؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة على القروض التي تمنحها البنوك إلى المنتجين. مما يشجع المنتجين على زيادة إقراضهم. مما يؤدي إلى زيادة حجم الاستثمار ويرتفع الأنفاق الكلي على السلع والخدمات.

وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة حجم الإنتاج والاستخدام. والنتيجة هي ارتفاع حجم النشاط الاقتصادي وهكذا يشهد الاقتصاد حركة توسعية في مستوى فعالياته الاقتصادية ككل (بوبريمة، 2018، ص14).


6- النقود كأداة لإعادة توزيع الدخول.

ترتبط هذه الوظيفة ارتباطاً وثيقاً بالمتغيرات الحاصلة في قيمة النقود. ويقصد بقيمة النقود قوتها الشرائية. أي كمية السلع والخدمات التي يمكن الحصول عليها بوحدة من النقد. ويتوقف ذلك على مستوى أسعار السلع والخدمات المعروضة في الأسواق.

وهذا يشير إلى أن هنالك علاقة بين تغيرات مستوى الأسعار وتغيرات قيمة النقود. فأن أي ارتفاع في مستوى الأسعار سيؤدي إلى انخفاض القيمة الحقيقية للنقود. أي انخفاض كمية السلع الممكن شرائها بالنقود.

وبالعكس إذ انخفض مستوى الأسعار فإن حائزي النقود سيحصلون على كمية من السلع أكبر من ذي قبل. مما يعني أن قيمة النقود قد ارتفعت. وبواسطة النقود يستطيع الأفراد معرفة مستوى دخولهم الحقيقية من خلال مقارنة دخولهم النقدية بالمستوى العام للأسعار (بوبريمة، 2018، ص13).


7. وسيلة لنقل القيمة (Transfer of Value).

يسهل المال نقل الثروة والقيمة عبر الزمن والمكان، مما يدعم العمليات الاقتصادية عبر مسافات طويلة.

كل من هذه الوظائف تسهم في تسهيل العمليات الاقتصادية وجعل التجارة أكثر كفاءة وسلاسة. مما يدعم النمو الاقتصادي والاستقرار المالي.

طريقة عرض النقود تشير إلى الكمية الإجمالية للنقود المتوفرة في الاقتصاد في فترة زمنية معينة. وتشمل كل من النقود التي يحملها الأفراد والمؤسسات. وكذلك الودائع البنكية. يتم قياس عرض النقود باستخدام عدة مقاييس. وهذه المقاييس تتفاوت بناءً على أنواع الأصول التي تشملها (صافة، 2023، ص25).

ما هي طريقة عرض النقود وما هو مقياسها؟


أهم مقاييس عرض النقود هي (الأفندي، 2009):

  1. M0 (النقود الأساسية): يشمل هذا المقياس النقود المتداولة بين الأفراد والشركات. بالإضافة إلى النقود الموجودة في خزائن البنوك التجارية والبنك المركزي. يعرف أيضًا بالنقود عالية السيولة أو النقود الصلبة.
  2. M1: يشمل M1 النقود المتداولة (العملات الورقية والمعدنية) C بالإضافة إلى الودائع الجارية D (ودائع تحت الطلب) في البنوك. وبالتالي (M1=C+D). هذا المقياس يمثل النقود التي يمكن الوصول إليها واستخدامها بسهولة في عمليات الدفع والتبادل.
  3. M2: يشمل M2 جميع مكونات M1 بالإضافة إلى الودائع لأجل والودائع الادخارية التي يمكن تحويلها بسهولة إلى نقود وبالتالي (ودائع التوفير + الودائع الآجلة + M1= M2) . M2 يعتبر مقياسًا أوسع من M1 لأنه يتضمن أنواعًا إضافية من الأصول المالية التي يمكن تحويلها إلى سيولة بسرعة.
  4. M3: يشمل M3 جميع مكونات M2 بالإضافة إلى بعض الودائع الاستثمارية الأكبر والأدوات المالية الأخرى مثل اتفاقيات إعادة الشراء وشهادات الإيداع الكبيرة. وبالتالي (الودائع الاستثمارية طويلة الأجل + M2= M3). M3 يعطي صورة أكثر شمولية عن كمية النقود في الاقتصاد.
  5. M4: في بعض الأنظمة النقدية. يتم استخدام M4 ليشمل جميع مكونات M3 بالإضافة إلى أصول مالية عالية السيولة مثل أذونات الخزينة الحكومية. صناديق الاستثمار في سوق المال وبعض الأوراق المالية الأخرى. وبالتالي (أصول عالية السيولة + M3= M4).

كل هذه المقاييس تساعد في فهم كمية النقود المتاحة في الاقتصاد وكيف يمكن أن تؤثر على التضخم. أسعار الفائدة. والنشاط الاقتصادي بشكل عام. البنك المركزي يستخدم هذه المقاييس لصياغة السياسات النقدية بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتحكم في التضخم.

في الختام يُمكن القول إنّ المال أداة حيوية تُشكّل أساس النظام الاقتصادي. حيث يُسهّل المعاملات. ويُعزز كفاءة التخصيص. ويُحفّز النمو الاقتصادي ومع ذلك من الضروري استخدام المال بشكل مسؤول ومدروس. 

إذ قد تؤدي زيادة عرضه إلى مخاطر مثل التضخم والركود لذلك يجب على الحكومات والبنوك المركزية العمل معاً لضمان عرض نقدي مناسب يحقق التوازن بين الاستقرار الاقتصادي والنمو. مما يعزز رفاهية المجتمع ويدعم التنمية المستدامة.


المراجع.

  1. الأفندي، محمد الأحمد. (2009). النقود والبنوك والاقتصاد النقدي. ط3. صنعاء: الأمين للنشر والتوزيع.
  2. بوبريمة، إحسان. (2018). مطبوعة الاقتصاد النقدي وأسواق رأس المال. كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير. جامعة فرحات عباس سطيف – 1. الجزائر.
  3. بوعبدالله، ودان. (2021). الاقتصاد النقدي وأسواق رأس المال. مطبوعة موجهة لطلة السنة الثانية. قسم العلوم الاقتصادية. كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير. جامعة عبد الحميد بن باديس. مستغانم. الجزائر.
  4. خليل، هادي. (د – ت). النقود تعريفها، أنواعها ووظائفها. كلية إدارة الأعمال. جامعة المنارة. سورية. ملف pdf. تم الاسترجاع من الرابط https://manara.edu.sy/downloads/files/1647251846_1.pdf.
  5. صافة، محمد. (2023). اقتصاد نقدي وأسواق رأس المال. مطبوعة موجهة للسنة الثانية ليسانس. قسم العلوم المالية والمحاسبية. كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير. جامعة ابن خلدون – تيارت. تم الاسترجاع من الرابط https://fsecsg.univ-tiaret.dz/pubsenligne/conomie%20mon%C3%A9taire.pdf
  6. مصيطفي، عبد اللطيف وبوزيان، بن محمد. (2015). أساسيات النظام المالي واقتصاديات الأسواق المالية. بيروت، لبنان: مكتبة حسن العصرية للنشر والطباعة والتوزيع.

google-playkhamsatmostaqltradent